الرئيسية/مقاطع/حكم تأخير الصلاة عن وقتها في حال المسايفة واشتداد الخوف والتحام الصفوف
|categories

حكم تأخير الصلاة عن وقتها في حال المسايفة واشتداد الخوف والتحام الصفوف

مشاهدة من الموقع

قال:

“وإذا اشتد الخوف؛ صلَّوا رجالًا وركبانًا”[1].

“رجالًا” يعني: راجلين، “وركبانًا” يعني: راكبين.

“للقبلة وغيرها، ولا يلزم افتتاحها إليها، ولو أمكن يُومئون طاقتَهم”.

يعني: لا يلزم استقبال القبلة في حال الخوف؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239]، ولا يلزم الاستقبال حتى عند افتتاح الصلاة.

وبالنسبة للسجود والركوع: يومئون بالركوع والسجود، ويجعلون السجود أخفض من الركوع، ولهم التحرك والتقدم والتأخُّر، والكَرُّ والفَرُّ، والطعن والضرب، ولا يؤخرون الصلاة حتى يخرج وقتها؛ وإنـما يصلُّونـها بوقتها بإحدى صفات صلاة الخوف.

وقال بعض أهل العلم: إنه في حال المسايفة، واشتداد الخوف، والْتحام الصفوف؛ يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، وهذا هو مذهب الحنفية[2]، وروايةٌ عند الحنابلة[3]، واختارها جمعٌ من المـحققين من أهل العلم، وكان شيخنا عبدالعزيز بن بازٍ رحمه الله يرجح هذا القول[4]، واستدلوا بأن النبي  فعل ذلك في غزوة الأحزاب، حيث أخر صلاة العصر إلى ما بعد غروب الشمس، وقال: ملأ الله بيوتـهم وقبورهم نارًا؛ شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس [5]، والحديث في “الصحيحين”.

والقول بأنه منسوخٌ غير صحيحٍ، الأصل عدم النسخ، وغزوة الأحزاب كانت في السنة الخامسة من الهجرة، لكن تلك الحال كانت حالةً شديدةً، وصفها ربنا ​​​​​​​ بأنـها بلغت القلوب الحناجر، يعني: إلى هذه الحال، ومـما يدل على عدم النسخ: أن الصحابة  فعلوا ذلك عندما فتحوا “تُستَـر” في خراسان، عند فتح بلاد “تستر” بفارس في عهد عمر، أخروا صلاة الفجر؛ لأنه كان وقت دخلوهم لتُستَـر، كان وقت صلاة الفجر، ولـم يتمكنوا من أدائها إلا ضحًى [6]، وقد أخرجه البخاري في “صحيحه” معلقًا بصيغة الجزم.

فكون الصحابة  يفعلون ذلك؛ يدل على أنـهم فهموا جواز التأخير في مثل هذه الحال، وأنه لـم ينسخ؛ لأنه لو بَقُوا وصَلَّوا صلاة الفجر ولو بإحدى صفات صلاة الخوف؛ لربما لـم يتيسر لهم الفتح.

وعلى هذا نقول: إذا كان الخوف شديدًا في حال الْتحام الصفوف، وحال ما يسميه العلماء بـ”المسايفة”؛ فيجوز تأخير الصلاة عن وقتها، في حالٍ خاصةٍ وضيِّقةٍ أيضًا.

أما إذا لم يكن الخوف شديدًا، وهذا هو الغالب على المعارك، أن الخوف ليس شديدًا، يكون هناك خوفُ لكن ليس شديدًا؛ لأن الخوف الشديد يكون عند الْتحام الصفوف والمواجهة، لكن المعارك لا تكون طيلة الوقت مواجهةً والْتحامًا، وإنـما يكون هناك حصارٌ، ويكون هناك وقتٌ طويلٌ، لا يكون فيه الْتحامٌ بين الصفوف، فإذا لم يكن الخوف شديدًا؛ فتصلى بإحدى الصفات الواردة.

هذا هو القول الراجح عند كثيرٍ من المـحققين من أهل العلم في هذه المسائل.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 دليل الطالب مرعي الكرمي: (ص 54)، ط دار طيبة.
^2 التجريد للقدوري: (2/ 589)، ط دار السلام.
^3 الشرح الكبير على المقنع لابن قدامة: (2/ 139)، ط دار الكتاب العربي.
^4 فتاوى نور على الدرب لابن باز: (7/ 94)، جمع الشويعر.
^5 رواه البخاري: 2931، ومسلم: 627.
^6 رواه البخاري معلقًا: 2/ 15.
مواد ذات صلة