الرئيسية/مقاطع/أعظم ما تُدفع به الوساوس وفتن الشبهات
|categories

أعظم ما تُدفع به الوساوس وفتن الشبهات

مشاهدة من الموقع

هذه القصة أيضًا ذكرها الحافظ الذهبي في “السِّيَـر” [1] في قصة هذا الرجل، وهو ابن وهبٍ، العالـم المعروف؛ لـمَّا كان في أول أمره؛ عرضت له وساوس، فذهب واشتكى إلى شيخه، فنصحه بطلب العلم، وكان ذلك سببًا لطلبه العلم، وسببًا لزوال الوساوس؛ ولهذا قال العلماء: إن طلب العلم من أعظم ما يُدفع به الوسواس؛ وذلك لأن طالب العلم يكون بصيرًا بأمره، ويكون عارفًا بـما يدفع به الوساوس، وأن هذه الوساوس لا تضره، فمثلًا: إذا كان الوسواس في الطهارة، إذا تبصَّر في هذا الباب، وأعمل القاعدة الفقهية الكبرى: اليقين لا يزول بالشك، وتيقَّن الطهارة؛ لـم يلتفت للوساوس والشكوك في كونه قد أحدث، وأعمل قول النبي : لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا [2].

فنجد أن العلم هنا معينٌ على طرد الوسواس؛ ولذلك تجد أن الوسواس لا يأتي طالب العلم، وإذا أتى طالب العلم؛ يأتي خفيفًا؛ لأن عنده بصيرةً، وعنده علمًا يدفع به هذا الوسواس.

ومـما يُدفع به الوسواس كذلك: الإعراض عن هذا الشيء الذي يوسوس، فإنه إذا قطع التفكير فيه؛ يبدأ هذا الوسواس يضعف شيئًا فشيئًا حتى يتلاشى، لكن بعض الناس عندما يأتيه الوسواس؛ يبدأ بإشغال نفسه به، فيزيد الوسواس شيئًا فشيئًا إلى أن يصبح وسواسًا قهريًّا فلا يستطيع أن يتحكم في نفسه، بل تتحكم به نفسه.

ثم أيضًا: العلمُ كما أنه يدفع الوسواس؛ فهو أيضًا يدفع فتن الشبهات، فأعظم ما تدفع به فتن الشبهات: العلم؛ ففتنة الشبهات إنـما تأتي من ضعف البصيرة وقلة العلم؛ ولهذا تجد أن عامة من يقع في فتنة الشبهات عنده قلة بصيرةٍ، وإلا فمن عنده قوة بصيرةٍ وقوةٌ علميةٌ، لا يقع في فتنة الشبهات في الغالب.

فإذنْ: العلم يُدفع به فتنة الشبهات؛ كما أن الصبر تُدفع به فتنة الشهوات.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 سير أعلام النبلاء (ترجمة: عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري): (9/ 223)، ط الرسالة.
^2 رواه البخاري: 137، ومسلم: 361.
مواد ذات صلة