الرئيسية/خطب/الدروس المستفادة من الإسراء والمعراج
|categories

الدروس المستفادة من الإسراء والمعراج

مشاهدة من الموقع

الحمد لله الذي أنعم علينا بنعم لا تُحصى، ودفع عنا من النقم ما لا يعد ولا يُستقصى، وسبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به بصحبة جبريل الأمين إلى السماوات العُلى، وأري من آيات الله الكُبرى، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

واشكروا الله تعالى على ما أنعم به عليكم من النعم الكُبرى، والآلاء الجسيمة العُظمى، فإن نعم الله علينا سابغة، وآلاءه متوالية.

معجزة الإسراء والمعراج

لقد جعلنا الله تعالى خير أمة أخرجت للناس، وفضَّل نبينا محمد على سائر الأنبياء والمرسلين، واختصه بخصائص لم ينلها أحد من البشر، ولن يصل إليها أحد ممن تقدم أو تأخر.

ومن خصائصه العظيمة: الإسراء إلى المسجد الأقصى، والمعراج إلى السماوات العُلى.

فقد كان الإسراء والمعراج من أكبر النعم على هذه الأمة، وقد نوه الله تعالى بشأنه في كتابه، وبين الحكمة فيه في سورة الإسراء، وفي سورة النجم، يقول ربنا تبارك وتعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1]، ويقول: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۝مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۝وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ۝عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ۝ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ۝وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ۝ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ۝فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ۝فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ۝مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ۝أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ۝وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ۝عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ۝عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ۝إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ۝مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ۝لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النجم:1-18].

نعم، رأى في هذه الواقعة -واقعة الإسراء والمعراج- من آيات ربه الكُبرى العظيمة.

والمشهور: أنها وقعت في شهر رجب قبل الهجرة.

ملخص قصة الإسراء والمعراج

وملخص هذه القصة: أن النبي كان نائمًا في حِجر الكعبة إذ أتاه آت فشق ما بين ثغرة نحره إلى أسفل بدنه، ثم استخرج قلبه، فملأه حكمة وإيمانًا، تهيئة لما سيقوم به، ثم أتي بدابة بيضاء دون البغل وفوق الحمار، يقال لها: البُراق، يضع خطوته عند منتهى طرفه، فركبه النبي بصحبة جبريل الأمين عليه السلام، حتى وصل إلى بيت المقدس، فنزل هناك، وصلى بأرواح الأنبياء إمامًا، كل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام صلوا خلفه في بيت المقدس، ليتبين بذلك فضل رسول الله ، وشرفه، وأنه الإمام المتبوع.

ثم عرج به جبريل عليه السلام إلى السماء الدنيا، فاستفتح، فقيل: من؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، فقيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففُتح له، فوجد فيها آدم عليه السلام، وقال جبريل عليه السلام: هذا أبوك آدم عليه السلام فسلِّمْ عليه، فسلَّمَ عليه، فرد عليه السلام، وقال: مرحبًا بالابن الصالح، والنبي الصالح، وإذا عن يمين آدم عليه السلام أرواح السعداء، وعن يساره أرواح الأشقياء من ذريته، فإذا نظر إلى اليمين سر وضحك، وإذا نظر إلى الشمال بكى.

ثم عرج به جبريل عليه السلام إلى السماء الثانية، فوجد فيها يحيى وعيسى عليهما السلام ابنا الخالة، قال جبريل عليه السلام: هذان يحيى وعيسى فسلِّمْ عليهما، فسلَّمَ عليهما، فردا عليه السلام، وقالا: مرحبًا بالأخ الصالح، والنبي الصالح.

ثم عرج به جبريل إلى السماء الثالثة فوجد فيها يوسف عليه السلام، فقال جبريل عليه السلام: هذا يوسف فسلِّمْ عليه، فسلَّمَ عليه، فرد عليه السلام، وقال: مرحبًا بالأخ الصالح، والنبي الصالح.

ثم عرج به جبريل عليه السلام إلى السماء الرابعة فوجد فيها إدريس عليه السلام، قال جبريل عليه السلام: هذا إدريس فسلِّمْ عليه، فسلَّمَ عليه، فرد عليه السلام، وقال: مرحبًا بالأخ الصالح، والنبي الصالح.

ثم عرج به جبريل إلى السماء الخامسة فوجد فيها هارون عليه السلام، قال جبريل عليه السلام: هذا هارون فسلِّمْ عليه، فسلَّمَ عليه، فرد عليه السلام، وقال: مرحبًا بالأخ الصالح، والنبي الصالح.

ثم عرج به جبريل عليه السلام إلى السماء السادسة فوجد فيها موسى عليه السلام، قال جبريل عليه السلام: هذا موسى فسلِّمْ عليه، فسلَّمَ عليه، فرد عليه السلام، فقال: مرحبًا بالأخ الصالح، والنبي الصالح.

فلما تجاوزه بكى موسى عليه السلام قيل: ما يبكيك؟ قال: أبكي؛ لأن غلامًا بُعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي!

فكان بكاء موسى عليه السلام حزنًا على ما فات أمته من الفضائل، لا حسدًا، وحاشاه، وكلا، لا حسدًا لأمة محمد .

ثم عرج به إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم الخليل عليه السلام، قال جبريل عليه السلام: هذا أبوك إبراهيم فسلِّمْ عليه، فسلَّمَ عليه، فرد عليه السلام، وقال: مرحبًا بالابن الصالح، والنبي الصالح.

وإنما طاف جبريل برسول الله على هؤلاء الأنبياء تكريمًا له وإظهارًا لشرفه وفضله، وقد كان إبراهيم الخليل عليه السلام مسندًا ظهره إلى البيت المعمور في السماء السابعة الذي يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة، يتعبدون ويصلون، ثم يخرجون، ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة.

سبحان الله! خلق عظيم.

ثم رُفِع بالنبي إلى ما فوق السماء السابعة عند سدرة المنتهى، عند مقامٍ عليٍّ رفيع لم يصله أحد من البشر فرفع به عند سدرة المنتهى فغشيها من أمر الله من البهاء والحسن ما غشيها، حتى لا يستطيع أحد أن يصفها من شدة حسنها، وكان النبي عظيم الأدب شديد الحياء فلم يزغ بصره وما طغى: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:17]، مع أنه رأى شيئًا عظيمًا فوق الخيال، وشيئًا كبيرًا ومهيبًا، ومع ذلك: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:17] فقد أثنى الله تعالى عليه بهذا الأدب العظيم.

فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراج

ثم فرض الله عليه الصلاة عليه وعلى أمته؛ فرضها خمسين صلاة في اليوم والليلة فرضها خمسين صلاة في أربع وعشرين ساعة، ثم نزل فكان من رحمة الله بهذه الأمة أن قيض موسى عليه السلام، فسأل نبينا محمد : ما فرض ربك على أمتك؟ قال: خمسين صلاة في اليوم والليلة، قال موسى عليه السلام: إن أمتك لا تطيق ذلك، وقد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف.

فانظر إلى حكمة ورحمة موسى عليه السلام بيَّن له أن هذه الأمة لا تطيق، وانطلق في ذلك من تجربته مع بني إسرائيل، ثم اقترح له مقترحًا، قال: اذهب إلى ربك واسأله التخفيف.

فرجع نبينا محمد إلى الرب فسأله التخفيف عن هذه الأمة، فحط عنه عشرًا، ثم عشرًا، ثم عشرًا، ثم عشرًا، ثم خمسًا، فقال موسى عليه السلام: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، قال: إني قد استحييت من ربي.

فنادى مناد: أن أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، هي خمس في الفعل، خمسون في الميزان.

فانظروا رحمكم الله إلى عظم شأن هذه العبادة كيف أنها فُرضت على صفة خاصة، فرضت فوق السماء السابعة، وفرضت من الله تعالى على نبينا محمد مباشرة من غير واسطة، بينما بقية الفرائض كانت تفرض بواسطة جبريل عليه السلام، ثم إنها فرضت خمسون صلاة في اليوم والليلة، وهذا يدل على محبة الله لهذه العبادة، إذ أن خمسين صلاة بأربع وعشرين ساعة تستغرق وقتًا طويلًا من الإنسان، ثم إن الله برحمته خففها لكن لما خففها خففها عنا في الفعل والعدد، ولم يخففها في الأجر والثواب والميزان، فهذه الصلوات الخمس التي نصليها أجرها أجر خمسين صلاة.

ثم بعد ذلك يأتي التضعيف إلى عشر حسنات إلى أضعاف كثيرة، فانظروا إلى عظيم منة الله على هذه الأمة تصلي خمس صلوات لكنها تحسب عند الله خمسين صلاة، ويكتب لنا أجر خمسين صلاة، فانظروا إلى رحمة الله بهذه الأمة، وعظيم إنعامه، ومنته عليها.

موقف أهل مكة من الإسراء والمعراج

وفي هذه الليلة ليلة المعراج أُدخل النبي الجنة فإذا فيها قباب اللؤلؤ، وإذا ترابها مسك، ثم نزل رسول الله حتى أتى مكة بغلس قبيل الفجر، وصلى فيها صلاة الصبح، فلما أصبح أخبر قريشًا بما رأى، فكان في ذلك امتحان لهم، وزيادة في الطغيان والتكذيب، وقالوا: كيف تزعم أنك أتيت بيت المقدس ورجعت في ليلة واحدة ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهرًا في الذهاب وشهرًا في الرجوع؟ فصف لنا بيت المقدس إن كنت صادقًا؟

فجلَّى الله تعالى بيت المقدس لنبينا محمد لينظر إليه، فجعل يصفه لهم وصفًا دقيقًا، فبهتوا، وقالوا: أما الوصف فقد أصبت.

وجاء الناس إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقالوا له: إن صاحبك يزعم أنه يقول كذا وكذا، فقال أبو بكر: إن كان قال ذلك فقد صدق، قالوا: تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس ورجع قبل أن يصبح؟ قال: “نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة”؛ فلذلك سمي الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

هذا هو الإيمان الراسخ واليقين الصادق، ومن هنا نأخذ القاعدة العظيمة في أصول العقيدة، وهي: أن المدار على ثبوت الخبر عن النبي ؛ فإذا ثبت عنه آمنا به، وصدقناه بدون اعتراض أو شك أو استغراب؛ لأنه نبي صادق لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يُوحى، والله على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

عباد الله: لقد أسري بنبينا محمد بروحه وجسده إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء، عرج به إلى سدرة المنتهى فوق السماء السابعة، ثم عاد إلى الأرض كل ذلك في ليلة واحدة، فسبحان الله العظيم كيف قطع هذه المسافات الشاسعة العظيمة التي لا يعلم قدرها إلا الله تعالى؟

إذا كان قبل فترة أُعلن عن مسبار فضائي أنه وصل إلى كوكب المريخ، المريخ الذي نراه ونشاهده، وهو من كواكب المجموعة الشمسية في المجرة التي نعيش فيها في هذا الكون الذي فيه بلايين المجرات، ومع ذلك مكث هذا المسبار الفضائي إلى هذا الكوكب القريب من الأرض، حتى يصل إليه عشرة أشهر، مع أنه يسير بسرعة آلاف الكيلو مترات، ومع ذلك مكث هذا المسبار من الأرض إلى المريخ عشرة أشهر، حتى يصل إليه، فسبحان الله العظيم كيف أسري وعرج بنبينا محمد صلى الله وسلم؟ وبأي سرعة كان ذلك؟ إن هذا فوق تصور البشر، وفوق قدرة البشر، وهذا مما يزيد المسلم إيمانًا ويقينًا: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.

ما حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج؟

عباد الله: وعلى الرغم من ثبوت الإسراء والمعراج، وعلى الرغم من شهرة ذلك في الكتاب والسنة إلا أن تحديد وقت وقوعه بالسنة أو الشهر أو اليوم مما اختلف فيه أهل العلم، ونقلة الأخبار والسير اختلافًا كثيرًا.

وما قيل: إن وقت وقوعه هو السابع والعشرون من شهر رجب لم يثبت، وما كان ذلك الاختلاف على الرغم من شهرة الواقعة إلا لما استقر لدى الصحابة والسلف الصالح من أن معرفة وقت حدوث مثل هذه الوقائع لا يترتب عليه أي أمر ديني، إذ المقصود هو الاعتبار والتأسي، وهذا أمر غير مرتبط بزمن فالمناسبات في تاريخ الإسلام كثيرة، وكلها أحداث جسام، وانتصارات عظام، يفرح بها كل مؤمن، وينشرح لها صدر كل مسلم من البعثة والهجرة والفتح والغزوات الفاصلة في تاريخ الإسلام كله في عهد النبي ، وعهود أئمة الهدى من بعده.

ولم يكن من السلف الصالح من يتخذه عيدًا أو يتحراه ليَفعل فيه ما يُفعل تقربًا وتعبدًا من غير دليل.

وقفت القرون المفضلة المشهود لها بالخيرية عند هذا الحد، فلم تكن تعمل إحياء ذكرى الحوادث الإسلامية، وتتخذها عيدًا، وتقيم طقوسًا، وتقيم احتفالات فيها، بل إن هذا من البدع المحدثة في الدين، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد [1]، فالاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وأيضًا بمنتصف شهر شعبان، وبمولد النبي ، وبرأس السنة الهجرية، وبغير ذلك من الوقائع؛ كل ذلك من البدع المحدثة، المسلمون ليس لهم سوى عيدين في السنة: عيد الفطر، وعيد الأضحى، فمن اتخذ عيدًا غير هذين العيدين فقد ابتدع في دين الله ​​​​​​​.

والخير كل الخير في سنة النبي ، وفيما كان عليه الناس في القرون الثلاثة المفضلة؛ فإن النبي قال: ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كانت على ما أنا عليه وأصحابي [2]، فالخير كل الخير هو ما كان عليه صحابة رسول الله  رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

فلم يكن الصحابة يقيمون تلك الطقوس، وتلك التعبدات، وتلك الاحتفالات عند المناسبات الإسلامية، يقول عليه الصلاة والسلام: إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة [3].

وبعض المسلمين في بعض البلدان لا يعرف عن هذه المناسبات إلا أنها وقت سنوي يقيمون فيها احتفالات بدعية في مواعيد حددوها من أنفسهم، وكأن النعمة بهذه الآيات لا تحصل إلا في تلك الأوقات، وليس لها أثر مستمر باستمرارها.

لكنها التقاليد الفاسدة والطقوس الفارغة التي تشبهوا فيها باليهود والنصارى، فهذا فقههم للأحداث، وهذا فقههم في الدين.

ونحن ولله الحمد وإن كنا في هذه البلاد في صفاء من العقيدة، وليس في بلادنا شركيات أو بدع ظاهرة إلا أنه مع هذا الانفتاح الذي نعيشه لا بد من التأكيد على هذه المعاني، حتى لا يغتر بعض المسلمين بما يرونه، وما ينقل عبر وسائل الإعلام، وعبر وسائل الاتصال من تلك الاحتفالات، وتلك الطقوس، فنقول: إن هذه كلها من البدع المحدثة في الدين.

فعلينا أن نتمسك بسنة النبي ، وبما كان عليه صحابته ، وبما كان عليه التابعون لهم بإحسان.

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، فقد أمركم الله بذلك، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارض عن صحابة نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.

اللهم ارحم قتلى المسلمين في نيوزلندا، اللهم تغمدهم بواسع رحمتك، وتقبلهم في الشهداء، اللهم اغفر لهم وارحمهم، اللهم اعف عنهم، اللهم أكرم نزلهم، اللهم وسع مدخلهم، اللهم اغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم وانتقم ممن اعتدى عليهم، ومن يقف وراءهم، اللهم انتقم منهم، يا قوي يا عزيز، واجعل العاقبة خيرًا للإسلام والمسلمين، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واجعلهم رحمة لرعاياهم، ووفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير، وتعينه عليه، وعلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام،

اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن،

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك.

نسألك اللهم من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.

اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 2697، ومسلم: 1718.
^2 رواه الترمذي: 2641.
^3 رواه الترمذي: 2676، وأحمد: 17144.
مواد ذات صلة