الرئيسية/دروس علمية/شرح كتاب الصيام من دليل الطالب/(2) كتاب الصيام- من قوله: “فصل: يحرم على ما لا عذر له الفطر برمضان..”
|categories

(2) كتاب الصيام- من قوله: “فصل: يحرم على ما لا عذر له الفطر برمضان..”

مشاهدة من الموقع

عناصر المادة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، ونسألك اللهم علمًا نافعًا ينفعنا.

حكم الفطر في رمضان بغير عذر

نكمل ما تبقى من شرح دليل الطالب في هذا اليوم العلمي، وكنا قد وصلنا إلى قول المصنف رحمه الله:

فصل: يحرم على ما لا عذر له الفطر برمضان.

الفطر في رمضان من غير عذر محرم، ومن كبائر الذنوب بالإجماع، وقد عده ابن حجر الهيثمي من الكبائر، ويجب عليه إذا أفطر التوبة إلى الله ، وإمساك بقية يومه، ويجب عليه كذلك قضاء ذلك اليوم، فإن القضاء جزء من التوبة.

ومن أهل العلم من قال: إنه إذا أفطر متعمدًا لا يقضي؛ لأن القضاء لا ينفعه، ولكن هذا محل نظر، فإن القضاء جزء من التوبة، ومما يدل على أنه لا بد من القضاء حديث أبي هريرة  أن النبي قال: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض [1].

فإن قوله: من استقاء يعني: تعمد القيء، يعني يلزمه القضاء، هكذا من تعمد الأكل والشرب، وهذا الحديث كما سبق أخرجه الترمذي، وإن كان الراجح وقفه، إلا أنه كما قال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم.

حكم الفطر على الحائض والنفساء

قال: ويجب الفطر على الحائض والنفساء.

قول المصنف: يجب الفطر، يدل على أن الحائض والنفساء إذا صامتا أثمتا بذلك، ولكن لو أن المرأة لم تأكل ولم تشرب من غير نية الصوم، ولكن مسايرة لمن معها في البيت، فلا حرج عليها، فإن بعض النساء ربما تخجل أن تأكل وتشرب، ومن في البيت صائم، فلا تأكل ولا تشرب، لا حرج عليها، المهم ألا تنوي الصيام، المهم ألا تتعبد لله بنية الصوم.

قال: وعلى من يحتاجه لإنقاذ معصوم من هلكة.

وعلى، يعني: يجب على من يحتاج الفطر أن يفطر؛ لإنقاذ معصوم: المعصوم العصمة تكون بالإسلام، وتكون بالعهد والأمان، المسلم معصوم، كذلك المعاهد معصوم، والذمي معصوم، والمستأمن معصوم، هؤلاء الأربعة.

إذن العصمة تكون لهؤلاء الأربعة: للمسلم، والمعاهد، والذمي، والمستأمن، والكلام عن هؤلاء الأقسام يذكره الفقهاء مفصّلًا في كتاب الجهاد.

فيجب الفطر على من يحتاج الفطر لإنقاذ معصوم من هلكة، ومن ذلك مثلًا: رجال الدفاع المدني عندما يريدون إنقاذ أحد من غرق أو حرق، ونحو ذلك، ويحتاجون للفطر، فيجب عليهم الفطر لإنقاذ هؤلاء المعصومين.

ولكن قول المصنف: أنه يجب الفطر، هذا يقتضي أنه لو لم يفطروا أثموا، وهذا محل نظر ليس على إطلاقه، إنما يجب الفطر إذا كان ترك الفطر سببًا في عدم إنقاذ هذا المعصوم، هنا يجب الفطر، أما إذا لم يكن سببًا، وكان مجرد الفطر فقط فيه تنشيط لهؤلاء لرجال الدفاع المدني فيه تنشيط لهم، لكن حتى لو لم يفطروا سيقومون بواجبهم، فلا يجب الفطر، وإنما يستحب ويندب إذا كان في ذلك تنشيطًا لهم.

حكم الفطر للمسافر

قول المصنف رحمه الله:

ويسن لمسافر يباح له القصر.

لقول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].

والمسافر له ثلاث حالات:

  • الحالة الأولى: يحرم عليه الصوم إذا شق عليه الصيام مشقة شديدة؛ لأن النبي كان يومًا في سفر، فأمر بالفطر، وبعض من معه لم يفطروا، بل صاموا، فقال عليه الصلاة والسلام: أولئك العصاة، أولئك العصاة [2]، فالحديث في صحيح مسلم، قوله: أولئك العصاة المعصية لا تكون إلا على إثم، وهذا يدل على وجوب الإفطار في هذه الحال.
  • الحال الثانية: أن يشق الصوم على المسافر مشقة غير شديدة، والفطر أرفق له، فيستحب له الفطر، ولا يجب؛ لقول النبي : ليس من البر الصيام في السفر [3] متفق عليه، وجاء في حديث حمزة بن عمرو الأسلمي، قال: يا رسول الله، إني أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل عليَّ من جناح؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه [4]، رواه مسلم، فقوله: فمن أخذ بها فحسن يدل على استحباب الفطر إذا كان في الصوم مشقة على المسافر.
  • الحال الثالثة: أن يتساوى الأمران، كما يحصل لبعض الناس الآن مع ما يسر الله تعالى من المواصلات ووسائل التكييف، فبعض الناس يستوي عنده الصيام والفطر، السيارة مكيّفة، والطائرة مكيّفة، فما يجد مشقة غير معتادة في السفر، فهل الأفضل الفطر، أو الأفضل الصوم؟

نقول: إذا تساوى عنده الأمران فالأفضل الصوم؛ لما جاء في الصحيحين عن أبي الدرداء ، قال: “خرجنا مع النبي في بعض أسفاره في يوم حار، وما فينا صائم إلا رسول الله ، وعبدالله بن رواحة” [5].

والذي يظهر -والله أعلم- من سياق القصة أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يشق عليه الصوم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان الصحابة يخدمونه، عنده من يخدمه، ويظلل عليه، فلم يشق عليه الصوم، فلذلك صام في السفر، بينما أمر بقية الصحابة بالفطر، إلا عبدالله بن رواحة، فيظهر أن عبدالله بن رواحة كانت حاله مثل حال النبي عليه الصلاة والسلام، ثم أيضًا: الصوم أبرأ للذمة، فيه إسراع لإبراء الذمة إذا لم يكن على الإنسان مشقة؛ فهذه هي حالات المسافر.

الإخوة وضعوا جوائز للإجابة عن بعض الأسئلة، فنطرح السؤال مرة أخرى، لكن الإجابة من غير ورقة، من يذكر لنا حالات المسافر الثلاث؟ ومن يجب عن سؤال لا يجب عن سؤال آخر.

نأخذ من الجهة اليمنى، ثم الوسطى، ثم اليسرى، تفضل، الأفضل تقف حتى يسمع الإخوة الإجابة، الحالات الثلاث.

الطالب: يشق عليه الصوم مشقة شديدة؛ فيحرم الصوم.

الشيخ: نعم، يشق عليه مشقة شديدة، يحرم عليه الصوم، نعم.

الطالب: يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة؛ فيستحب الفطر.

الشيخ: يشق عليه مشقة غير شديدة، يستحب له الفطر.

الطالب: يتساوى عنده الأمران.

الشيخ: يتساوى عنده الأمران، فالأفضل الصوم، أحسنت بارك الله فيك.

الأخ الكريم سجل اسمه يزيد، تستلم جائزتك إن شاء الله إذا أحضرها الإخوة، بارك الله فيك.

بالنسبة لصيام النافلة في السفر:

صيام النافلة في السفر إذا كان الصيام الواجب لا يستحب في حق المسافر، فصيام النافلة من باب أولى، إذا كان الصيام الواجب دائرًا بين التحريم والكراهة والإباحة، فكيف بصيام النافلة؟ فلا يستحب صيام النافلة في السفر؛ لما فيه من العدول عن رخصة الله .

حكم الفطر للمريض

قال المصنف رحمه الله:

ولمريض يخاف الضرر.

يعني: يسن له الفطر، يسن الفطر للمريض الذي يخاف الضرر بصومه؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].

وهنا ضبط المؤلف المرض بقوله: “يخاف الضرر”، فلا بد من هذا القيد، يخاف المريض الضرر إما بزيادة المرض، أو بتأخر البرء، ومن الذي يقرر ذلك؟

الذي يقرر ذلك هو الطبيب المختص، فلا يقرر المريض ذلك بنفسه؛ لأن بعض المرضى ربما يكون عنده تصورات غير صحيحة، فالذي يقرر ذلك هو الطبيب المختص، إذا قال الطبيب المختص: إن صومك يزيد معه المرض، فلا تصم لا يصوم.

إذا قال: إن صومك يؤخر البرء، فلا يصوم، هذا على سبيل الاستحباب، لكن قد يجب عليه الفطر، إذا كان صومه يؤدي به إلى التهلكة، فإن بعض الأمراض لو صام لربما هلك، ومن أمثلة ذلك: من كان مصابًا بالسكر من النوع الأول، من النوع الأول يذكر بعض الأطباء المختصين أنه ربما يموت الذي يصوم يعني إذا كان من النوع الأول، النوع الشديد الذي يكون معه إبرة.

أما إذا كان من النوع الثاني فيعني هذا يحصل كثيرًا من المصابين بالسكر أنهم يصومون ولا يتضررون بالصيام، وهكذا لو كان مصابًا بفشل كلوي، ونصحه الطبيب بعدم الصيام ربما أن صيامه يتسبب في ضرر بالغ، قد يؤدي للوفاة.

المقصود: أنه إذا كان الصوم قد يؤدي به إلى التهلكة، وجب عليه الفطر، أما إذا كان لا يؤدي به إلى التهلكة، لكن قد يزيد معه المرض، أو قد يتأخر معه البرء، فيستحب في حقه الفطر، ولا يجب، وأؤكد على ما ذكرت من أن المرجع في تقدير المرض هو إلى الطبيب المختص في تقدير حجم المرض، وكونه يتضرر به، أو يتأخر به البرء، أو أنه قد يؤدي للتهلكة، المرجع في ذلك الطبيب المختص.

فإن بعض الناس ربما يتساهل، ربما يأتيه زكام ويفطر، ويقول: أنا مريض، فهذا غير صحيح، الزكام بإمكانك أن تصوم من غير مشقة، المقصود بالمشقة مشقة غير معتادة، أما المشقة المعتادة فهي تحصل حتى لغير المريض بالصوم، أو بعض الناس على العكس يكون مريضًا مرضًا شديدًا، وربما يؤدي به إلى التهلكة، ومع ذلك يصوم، فنقول: لا هذا، ولا هذا، لا المتساهل، ولا المتشدد، إنما المرجع في ذلك لرأي الطبيب المختص.

حكم الفطر لمن سافر أثناء النهار

قال: ويباح لحاضر سافر في أثناء النهار.

يعني: إنسان مقيم وحاضر، ثم سافر في أثناء النهار، سافر مثلًا بعد الظهر، أو بعد العصر، فيباح له الفطر، وذلك لعموم الأدلة التي تدل على أن المسافر يفطر، ومنها قول الله : فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] وهذا مسافر.

والعجيب أن المؤلف نفسه، والحنابلة أنفسهم يقولون: إن الحاضر إذا دخل عليه الوقت في الحضر، ثم سافر يتم، طيب: ما الفرق بين هذه المسألة وهذه؟ لماذا تقول هنا: يفطر، وفي الصلاة تقولون: يتم؟

وهذا مما يضعف القول بالإتمام؛ ولهذا الصواب إن الإنسان إذا سافر بعد دخول وقت الصلاة، وأراد أن يصلي الصلاة في السفر أنه يقصر، كما هو قول جماهير الفقهاء.

متى تباح له الرخصة بالفطر إذا سافر؟

تباح له إذا فارق العمران، وهكذا بالنسبة للقصر إذا فارق العمران، أما إذا كان داخل البلد ليس له القصر، وليس له الفطر، وهذا هو قول جماهير الفقهاء فلا بد من مفارقة العمران.

فمثلًا في مدينة كبيرة مثل مدينة الرياض، نقول: لا تبدأ بالترخص برخص السفر من الفطر، ومن القصر، إلا بعد مفارقة العمران، يعني بعد مفارقة آخر حي من أحياء المدينة التي تسكن أنت فيها، أما إذا كنت لا زلت في أطراف المدينة، ليس لك الترخص برخص السفر، لا الفطر، ولا القصر.

حكم الفطر للحامل والمرضع

قال: ولحامل ومرضع خافتا على أنفسهما، أو على الولد.

الحامل والمرضع يجوز لهما الفطر في نهار رمضان، لكن قوله: خافتا، هذا تفريع لما يترتب على الفطر، والدليل لذلك حديث أنس بن مالك الكعبي، ليس أنس بن مالك الأنصاري، أنس بن مالك الكعبي : أنه أتى النبي بالمدينة وهو يتغدى، فقال له: هلم إلى الغداء قال: إني صائم، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحُبلى والمُرضع [6] وهذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد بسند صحيح، فهنا ذكر الحبلى والمرضع.

ما الذي يترتب على الحامل والمرض إذا أفطرتا؟

الحامل والمرضع ما الذي يترتب على فطرهما؟

هنا وضح المؤلف قال: إذا خافتا على أنفسهما أو على الولد، فيباح لهما الفطر وعليهما القضاء فقط، لكن لو أفطرتا للخوف على الولد فقط لزم وليه إطعام مسكين لكل يوم.

فإذا خافتا على أنفسهما أو خافتا على أنفسهما وعلى الولد، فتفطر الحامل والمرضع وعليهما القضاء، أما إذا خافتا على الولد فقط، فتفطر وتقضي وتطعم عن كل يوم مسكينًا، والإطعام على الولي على ولي هذا الولد.

والقول الثاني في المسألة: أن الحامل والمرضع عليهما القضاء فقط في جميع الحالات، سواء خافتا على أنفسهما، أو على ولدهما، أو على أنفسهما وولدهما، قياسًا على المريض، وعلى المسافر؛ ولحديث أنس بن مالك الكعبي السابق.

فإن النبي ذكر الحبلى والمرضع مع المسافر، والمسافر إنما يجب عليه القضاء فقط، هكذا الحبلى والمرضع؛ ولأنه لا دليل يدل على وجوب الإطعام على الحامل والمرضع إذا خافتا على الولد فقط.

والقائلون بالوجوب إنما يعتمدون على أثر ابن عباس أنه قال في قول الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] قال: كانت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، ثم قال: والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا.

وقول ابن عباس: أفطرتا وأطعمتا، يعني لم يذكر القضاء؛ لأنه معلوم، وهذا الأثر هو اجتهاد من ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يوافقه على هذا الاجتهاد بقية الصحابة، والأقرب -والله أعلم- هو أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا لم يجب عليهما إلا القضاء فقط، وهذا اختيار شيخنا عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى.

وهو ظاهر الأدلة، فإن الله تعالى إنما أوجب القضاء: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، والحبلى والمرضع في حكم المريض، والقول بالإطعام يقتضي تأثيم من لم يطعم، والأصل في أموال الناس الحرمة، أموال الناس معصومة.

فلا نقول بأنه يجب الإطعام إلا بدليل ظاهر، وليس عندنا دليل ظاهر، لا من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله ، وأثر ابن عباس يعني متكلم فيه، وهناك من يحمله على الاستحباب، وأيضًا يعني قول الصحابي لا يكون حجة إذا خالفه صحابي آخر، فالأقرب أن الحامل والمرضع يجب عليهما القضاء فقط في جميع الأحوال، يعني سواء خافتا على أنفسهما، أو على ولديهما، أو على أنفسهما وولديهما.

هناك من يقول: إنني يشق عليَّ الصيام بسبب طبيعة العمل، أو الدراسة، هل يجوز له الفطر إذا عطش مثلًا، أو إذا جاع؟

الجواب: لا يجوز إلا أن يكون مريضًا، أما أن يكون صحيحًا معافى، ويفطر بسبب الجوع أو العطش هذا لا يجوز، والنبي كان يصيبه العطش الشديد، ويصب على رأسه قربة من الماء من شدة العطش.

وكان الناس هنا إلى وقت ليس بالبعيد كانوا يعملون في النهار، وإذا عطشوا ذهبوا للبرك، وانغمسوا فيها، وصبوا على أنفسهم قرب الماء، لكن بعض الناس يؤتى من جهة قلة الصبر، والإنسان له قدرة على تحمل الجوع والعطش لمدة؛ بالنسبة للعطش لا تقل عن ثلاثة أيام، وبالنسبة للجوع له قدرة على التحمل مدة لا تقل عن أسبوع.

ورأيت بعض الأخبار التي ذكرت أن هناك زلازل وقعت في بعض بلدان العالم، ووجدوا أناسًا تحت الأنقاض، وجدت خبرًا أن أناسًا أنقذوا لهم أسبوعان تحت الأنقاض بدون ماء وبدون طعام، ومع ذلك بقوا أحياء، فالجسم له قدرة على التحمل.

لكن بعض الناس يؤتى من جهة قلة الصبر، فإذا كان الإنسان مريضًا يفطر لأجل المرض، أما أن يكون صحيحًا معافى، ويفطر بسبب الجوع أو العطش، هذا لا يجوز، إنما الواجب عليه الصبر والتحمل، وهذه من حكم مشروعية الصيام تدريب النفس على الصبر.

من يلزمهم الإمساك وهم مفطرون

قال: وإن أسلم الكافر، وطهُرت الحائض، وبرئ المريض، وقدِم المسافر، وبلغ الصغير، وعقل المجنون في أثناء النهار وهم مفطرون، لزمهم الإمساك والقضاء.

يعني: هؤلاء الذين ذكرهم المصنف يلزمهم الإمساك بقية اليوم والقضاء، أسلم الكافر أثناء النهار، أو طهرت الحائض أثناء النهار، أو برئ المريض أثناء النهار، أو قدِم المسافر أثناء النهار، أو بلغ الصغير أثناء النهار، أو عقل المجنون أثناء النهار فهؤلاء عليهم القضاء، ويلزمهم الإمساك بقية اليوم.

أكثر ما ترد هذه المسألة في قدوم المسافر، وفي طهارة الحائض: مسافر مثلًا قدِم من السفر بعد الظهر وهو قد أفطر الصباح، هل يلزمه أن يمسك بقية يومه؟

الجمهور على أنه يلزمه، وهذا هو المذهب، وقال بعض العلماء: إنه لا يلزمه الإمساك؛ لأنه لا يستفيد منه شيئًا؛ ولقول ابن مسعود: من أكل أول النهار فليأكل آخره.

والراجح أنه يلزمهم الإمساك، ويعني أذكر أنه كان في الجامع الكبير جامع الإمام تركي بن عبدالله، كان الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله يرجح القول بعدم لزوم الإمساك، ثم عقب عليه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، قال: بل الصواب هو وجوب الإمساك، وهو قول الجمهور.

فهذه المسألة الخلاف فيها قوي؛ لذلك اختلف فيها الشيخان، لكن الأقرب هو قول الجمهور، وأما قول القائلين بأنه لا يلزمه الإمساك بأنه لا يستفيد شيئًا، لا يسلم بذلك، بل يستفيد الأجر والثواب من الله ، حتى وإن لم يكن صومًا.

وأيضًا مما يدل لذلك أنه لو جامع في نهار رمضان لزمه الإمساك بالاتفاق، مع أنه لا يستفيد شيئًا، ومع ذلك باتفاق العلماء أنه يلزمه الإمساك، فالأقرب -والله أعلم- هو قول الجمهور، وهو أنه يلزمهم جميعًا الإمساك.

قال: وليس لمن جاز له الفطر برمضان أن يصوم غيره فيه.

من جاز له الفطر في نهار رمضان مثلًا كمسافر، قال المسافر: أنا يجوز لي أن أفطر في نهار رمضان، لكن أذكر أن عليَّ صيام نذر، سأجعل صيام النذر مكان هذا اليوم، هذا لا يجوز؛ لأن وقت رمضان لا يصح أن يصام فيه غيره، فهو وقت لا يتسع لغير ما فرض فيه، ولا يصلح لسواه.

قبل أن ننتقل في باب المفطرات الأخ الكريم الذي أجاب عن السؤال، نعم، الجائزة مائتا ريال تفضل بارك الله فيك.

نطرح سؤالًا في الدرس السابق، وأيضًا جائزته مائتا ريال، من الجهة الوسطى الآن:

السؤال: ما حكم صيام المغمى عليه؟

نريد من هذه الجهة، نعم، تفضل.

الطالب: المغمى عليه، صيامه صحيح إذا أفاق بعض النهار.

الشيخ: إذا كان الإغماء جميع النهار؟

الطالب: لا يصح صومه.

الشيخ: بارك الله فيك، تفضل.

نعم، إذا كان الإغماء جميع النهار لا يصح صومه، وإذا أفاق ولو لحظة صح صومه، تفضل.

مُفطرات الصيام

ننتقل بعد ذلك إلى فصل في المفطرات: وهي اثنا عشر، هذا من مزايا دليل الطالب؛ لاحظ كيف جمعها المصنف في هذا الجمع، مع أنه ذكر أمورًا لم يوافقه عليها بقية الفقهاء، حتى فقهاء الحنابلة مثل الموت كما سيأتي.

قال المصنف رحمه الله:

المفطرات اثنا عشر:

الأول والثاني: خروج دم الحيض والنفاس

خروج دم الحيض والنفاس

وهذا بالإجماع.

الثالث: الموت

والموت.

كيف الموت، الموت مفطر؟ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله، لكن اعتبار المصنف الموت من المفطرات هذا محل نظر، فيه تكلف؛ لأن من مات انقطع عمله، وانتقل من الدنيا إلى الآخرة، لا يقال: إنه أفطر، هو أصلًا روحه ذهبت، كيف يقال: إنه أفطر؟

ولذلك لم يوافق المصنف على هذا أحد من الفقهاء، حتى من فقهاء الحنابلة أو الشرّاح، فهو اجتهاد من المصنف رحمه الله، أراد أن يجمع جميع المفطرات، فذكر هنا الموت.

الرابع: الرِّدَّة

قال: والردة.

الردة تحبط العمل؛ لقول الله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]؛ ولكن يشترط لحبوط الردة أن يموت عليها؛ لقول الله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ [البقرة:217].

الردة قد تقع مثلًا إنسان سب الله، أو سب رسوله نسأل الله العافية وهو صائم، فهنا يحبط عمله، لكن على قولنا: إنه يشترط لذلك الموت، نقول: إذا تاب لا يحبط عمله، ويكون صومه صحيحًا.

الخامس: العزم على الفطر

قال: والعزم على الفطر.

لأن الصوم إمساك بنية.

لاحظوا أيها الإخوة أن النية ركن في الصيام ركن، وهي آكد أركان الصيام، آكد أركان الصيام النية، كما أن آكد أركان الحج ما هو؟ الوقوف بعرفة، طيب: ما آكد أركان الصلاة؟

الطالب: الوضوء.

الشيخ: لا، ليس الشروط، الأركان، الأركان وليس الشروط.

الطالب: السجود.

الشيخ: السجود، أحسنت، آكد أركان الصلاة السجود، بل كما يقول ابن القيم وجماعة: إنما قبل السجود من القيام والقراءة والركوع والرفع منه هي كالمقدمة للسجود؛ لأنه هو سر العبودية، أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

ولذلك المصلي لو كان بين حالين: إما أن يقوم ولا يسجد، أو يسجد ولا يقوم، نقول: الأفضل أن تكون في الحالة تسجد فيها ولا تقوم؛ لأن السجود آكد من القيام، فخذ هذه الفائدة التي قد لا تجدها في أي كتاب، آكد أركان الصلاة السجود.

ولذلك لا يسقط بأي حال من الأحوال، السجود لا بد منه، ولو أن يومئ به، بينما القيام مثلًا لا يجب في صلاة النافلة.

إذن قول المصنف: والعزم على الفطر؛ لأن الصوم إمساك بنية، فإذا عزم على الفطر قطع نيته، وهي آكد أركان الصوم، فيفسد صومه؛ ولهذا الفقهاء يقولون: من نوى الإفطار أفطر.

والتردد فيه.

يعني: التردد في نية الفطر يرى المصنف أنها تفسد الصوم، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، والقول الثاني في المسألة: أن التردد في النية لا يفسد الصوم؛ لأنه لم يجزم بقطع نية الصوم، والأصل صحة الصوم، وهذا هو القول الراجح في المسألة.

غاية ما في الأمر هو فكر بما يريد أن يفعله، لكنه لم يقطع النية، هو مجرد تردد، يفكّر ويقدّر، متردد لقطع النية، لكنه لم يقطع النية، فالأصل هو صحة الصوم، فالصواب في هذه المسألة القول الثاني، وهو أن صومه صحيح.

لو نوى أنه سيفطر، هو يمشي مثلًا في السيارة أو في الطائرة، وقال: إذا وصلت إلى الفندق أفطرت، فلما وصل إلى الفندق غير رأيه، فنقول: إن صومه صحيح لا يفطر، ما دام أنه لم يقطع النية، ولم يتناول شيئًا من المفطرات، فصومه صحيح.

ونأخذ من هذا أيها الإخوة قاعدة: دائمًا إذا أردت أن تنظر لمسائل أي باب من أبواب الفقه، احرص على التأصيل، تنطلق من الأصل، ما هو الأصل في هذا الباب؟

انتبه لهذه الفائدة، هل الأصل صحة الصوم، أو الأصل عدم صحة الصوم؟ الأصل صحة الصوم، إذن أتمسك بهذا الأصل، فلا أخرج عنه وأقول: إن الصوم فسد إلا بشيء واضح.

مثال ذلك بالنسبة للسفر: هل الأصل في الإنسان الإقامة أو السفر؟ الإقامة، الأصل في الإنسان الإقامة، لا أقول: إنه مسافر إلا بشيء واضح.

هكذا بالنسبة للطلاق، الأصل استمرار النكاح، لا نقول: إن هذه المرأة قد طلقت، وخرجت من عصمة زوجها إلا بأمر واضح، هذا التأصيل يفيد طالب العلم في الترجيح، ويفيد المفتي أيضًا في الفتوى، ينطلق من أصل.

فعندنا من المفطرات أنا متمسك بالأصل، الأصل صحة الصوم، لا أقول: إن هذا الشيء، لا أقول: إن الصوم فسد إلا بأمر واضح، فالتردد في النية لم يتضح أنه يفسد الصوم، هو مجرد تردد يفكر هل يقطع النية، أو لا يقطعها، فالصوم صحيح.

السادس: القيء عمدًا

والقيء عمدًا.

القيء عمدًا في قول أكثر الفقهاء يفسد الصوم؛ لحديث أبي هريرة ، أن النبي قال: من ذرعه القيء، فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض [7]، وهذا الحديث أخرجه الترمذي، والصواب وقفه على أبي هريرة، لكن كما قال الترمذي: إن العمل عليه عند أهل العلم.

ولاحظ أن بعض الأحاديث تكون ضعيفة، لكن يكون العمل عليها عند أهل العلم فيعمل بها، والذي يقول: إنني لا أعمل إلا بحديث صحيح سترد عليه إشكالات، مسائل كثيرة ما فيها أدلة صحيحة، يعني مقادير الديات مثلًا، وبعض المسائل ما فيها أحاديث صحيحة.

فإذا الأمة عملت بقول من الأقوال، فهذا يشبه أن يكون إجماعًا عمليًّا من الأمة على العمل بهذا القول.

السابع: الاحتقان من الدبر

والاحتقان من الدبر.

الاحتقان معناه: وضع الحقنة من الدبر، فهذا مفسد للصوم على رأي المؤلف، ولا يزال عمل الناس على هذا بما يُسمى بالتحاميل، يعني وضع التحميلة في الدبر، قالوا: لأنها في معنى الأكل والشرب.

والقول الثاني في المسألة: أن الاحتقان في الدبر أنه لا يفسد الصوم؛ لأنه ليس أكلًا ولا شربًا، وليس في معنى الأكل والشرب، واختار هذا القول الإمام ابن تيمية، وجمع من المحققين من أهل العلم، وهو القول الراجح.

ونعود للقاعدة الأصل الذي ذكرناها الأصل صحة الصوم، ما في دليل واضح على أن الاحتقان يفسد الصوم، فإن قيل: إنه في معنى الأكل والشرب، فنقول: لا يسلم بهذا، هل رأيتم إنسانًا يعتمد على الحقن بدلًا عن الطعام والشراب؟ هذا غير موجود، هذا لا يسلم، لا يسلم بأن الاحتقان في معنى الأكل والشرب.

الثامن: بلع النخامة إذا وصلت إلى الفم

وبلع النخامة إذا وصلت إلى الفم.

هذه المسألة يكثر السؤال عنها، وهل بلع النخامة يفسد الصوم، أم لا؟

المؤلف يقول: إنها إذا وصلت الفم، برزت للفم ثم ابتلعها فسد الصوم، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، قالوا: لأنه أدخل شيئًا إلى جوفه، كما لو أدخل طعامًا أو شرابًا.

والقول الثاني في المسألة: أن بلع النخامة لا يفسد الصوم مطلقًا، حتى لو برزت لفمه ثم ابتلعها؛ وذلك لأنها ليست أكلًا ولا شربًا، وليست بمعنى الأكل والشرب، والأصل صحة الصوم؛ ولأن الغالب أن الإنسان إنما يحصل له ذلك بغير اختياره، وهذا هو القول الراجح في المسألة.

وغالب من يسأل عن بلع النخامة هل يفسد الصوم؟ غالبًا من عندهم وسواس، بل لم يمر عليَّ أحد سأل هذا السؤال، وليس عنده وسواس؛ لأن غالب من يسأل مثل هذه الأسئلة من عندهم وساوس، فمثل هذا القول سيريحهم إذا قلنا: إنها لا تفسد الصوم مطلقًا، سيقطع دابر الوسواس على الموسوسين.

فالأصل صحة الصوم، وهذا لم يتناول شيئًا، وهذه ليست أكلًا ولا شربًا، وليس في معنى الأكل والشرب، أشبه ما لو بلع ريقه.

التاسع: الحجامة

التاسع: الحجامة خاصة.

يعني: دون الفصد، ونحوها.

حاجمًا كان أو محجومًا.

لقول النبي : أفطر الحاجم والمحجوم [8]، لما مر برجل يحجم رجلًا، قال: أفطر الحاجم والمحجوم.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي، وأحمد بسند صحيح، وقد صححه عدد من الأئمة، صححه البخاري، وصححه ابن المديني، وصححه أحمد، وروي بأسانيد كثيرة عن عدد من الصحابة أوصلها بعضهم إلى ثمانية وعشرين صحابيًّا، روي هذا الحديث عن ثمانية وعشرين صحابيًّا، فالحديث صحيح.

وهذا القول وهو أن الحجامة تفطر الصائم هو المذهب عند الحنابلة، وهو من المفردات.

والقول الثاني: أن الحجامة لا تفطر الصائم، وهذا قول الجماهير من الحنفية والمالكية والشافعية، واستدلوا بما جاء في صحيح البخاري: “أن النبي احتجم وهو صائم محرم” [9]، والراجح -والله أعلم- هو القول الأول، وهو: أن الحجامة تفطر الصائم، واختاره جمع من المحققين من أهل العلم.

ولهذا قال ابن تيمية: “إن هذا القول -وهو أن الحجامة تفطر الصائم- هو مذهب أكثر فقهاء الحديث، كأحمد وإسحاق، وابن المبارك، وابن مهدي، وابن خزيمة، وابن المنذر، وأهل الحديث الفقهاء فيه العاملون به أخص الناس باتباع محمد ..” إلى آخر كلامه.

وذلك لأن حديث: أفطر الحاجم والمحجوم [10] حديث صريح صحيح، وأما ما استدل به الجمهور من حديث ابن عباس: “أن النبي احتجم وهو صائم” فهذا وإن كان قد رواه البخاري، إلا أن المحفوظ من الرواية هي الرواية التي اتفق عليها البخاري ومسلم، وهي: “أن النبي احتجم وهو محرم”، بدون لفظة: “صائم”، هذا هو المحفوظ.

ثم لو ثبت هذا الحديث، فكما قال ابن القيم يحتمل أنه صيام نافلة، ويحتمل أنه كان في السفر، ويحتمل عدة احتمالات، وفي قاعدة عند الأصوليين، وهي: أن دلالة القول أقوى من دلالة الفعل.

لو افترضنا التعارض الآن بين دلالة القول والفعل، فدلالة القول أقوى من دلالة الفعل، وبعضهم يذكر أن حديث: أفطر الحاجم والمحجوم أنه منسوخ، ولكن لا دليل على النسخ، يذكرون حديث أنس: إنما كانوا يكرهون ذلك من أجل الضعف، لكن هذا ليس صريحًا في النسخ.

وقول النبي عليه الصلاة والسلام: أفطر الحاجم والمحجوم كما ذكرنا هو من قوله، وروي عن ثمانية وعشرين من الصحابة، فدعوى النسخ غير صحيحة، ولا يسلّم بها.

وعلى هذا فالصواب هو أن الحجامة تفطر الصائم، لكن قول المصنف: الحاجم والمحجوم، أخذه من الحديث، قال: “حاجمًا كان أو محجومًا”، أخذه من الحديث: أفطر الحاجم والمحجوم وهذا بناء على الحجامة الموجودة في زمنهم، فإن الحجامة الموجودة في زمنهم أن الحاجم يمص الدم عبر آلة، آلة الحجام يمص الدم.

أما في وقتنا الحاضر فقد أصبحت الحجامة بطريقة تفريغ الهواء، وليست بمص الدم، وعلى ذلك فالحاجم لا يفطر؛ لأن فطر الحاجم بسبب أنه عندما يجذب الدم ربما تصاعد إلى جوفه أجزاء لطيفة من هذا الدم، فإذا كان لا يمص الدم، كما هو عليه الحال الآن بالحجامة بتفريغ الهواء، فالحاجم لا يفطر، وأما المحجوم فإنه يفطر على القول الراجح.

يقاس على الحجامة سحب الدم الكثير للتحليل ونحوه، فأحيانًا يعني بعض الناس يحتاج لتحليل الدم، فيسحب منه دم كثير، يعني مثلًا أربعة براويز أو خمسة، أربعة أنابيب أو خمسة أنابيب هذه في معنى دم الحجامة، هذه تفسد الصوم.

أما لو كان الدم المستخرج للتحليل يسيرًا مثل الدم المستخرج لتحليل السكر، هذا لا يفسد الصوم؛ لأنه ليس في معنى دم الحجامة.

إذن ما هو الضابط؟ الضابط أنه إذا كان الدم المستخرج في معنى دم الحجامة فإنه يفسد الصوم، أما إذا كان ليس في معنى دم الحجامة، فلا يفسد الصوم.

نتوقف قليلًا لنطرح سؤالًا: قطع النية في الصوم، والتردد فيها، ما حكمه؟

نختار من الجهة اليسرى نعم، تفضل، قف.

الطالب: التردد لا يفسد الصوم.

الشيخ: التردد لا يفسد؛ لماذا؟

الطالب: لأنه لم يقطع النية.

الشيخ: لأنه لم يقطع النية، وأما الجزم بقطع النية؟

الطالب: يفسد الصوم.

الشيخ: يفسد الصوم، بارك الله فيك، تفضل.

العاشر: إنزال المني بتكرار النظر

قال المصنف رحمه الله:

العاشر: إنزال المني بتكرار النظر.

إنما قال المصنف: بتكرار النظر؛ لأن النظرة الأولى معفو عنها، وهي نظر الفجأة؛ لقول النبي : لا تتبعوا النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليس لك الآخرة [11]، لكن لو كرر النظر، تكرار النظر غير معفو عنه، لكن النظرة الأولى التي تقع فجأة هذه معفو عنها، لا يؤاخذ بها الإنسان.

فلو أنه نظر نظرة واحدة فأنزل لا يفسد صومه، لكن تكرار النظر الذي يحصل معه إنزال يفسد الصوم، يفسد الصوم بتكرار النظر.

ولا بالتفكر.

لو تفكر فأنزل، لم يفسد صومه؛ لأن التفكر معفو عنه؛ لقول النبي : إن الله عفا لأمتي ما حدثت بها أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم [12]، والاحتلام لا يفسد الصوم؛ لأنه بغير اختيار الإنسان، وحُكي الإجماع على ذلك.

ولا بالمذي.

سيأتي أن المصنف رحمه الله يرى أن خروج المذي مفسد للصوم، وإنما مقصود المصنف بهذه العبارة أن المذي لا يفسد الصوم به إذا كان بتكرار النظر أو بالتفكر؛ لأنه ليس بمباشرة، هذا مقصود المصنف، وسيأتي الكلام عن المذي، هل هو مفسد للصوم أم لا، بعد قليل إن شاء الله.

الحادي عشر: خروج المني، أو المذي بتقبيل أو لمس أو استمناء أو مباشرة دون الفرج

الحادي عشر: خروج المني، أو المذي بتقبيل أو لمس أو استمناء أو مباشرة دون الفرج.

أما خروج المني فيفسد الصوم في قول عامة الفقهاء، وأما خروج المذي، والمذي بالذال هو سائل لزج يخرج مع اشتداد الشهوة، يخرج من الرجل ومن المرأة جميعًا.

واختلف الفقهاء في كون المذي مفسدًا للصوم على قولين:

  • القول الأول: أن الصوم يفسد بخروج المذي قياسًا على المني؛ ولقول النبي عن ربه ​​​​​​​ في الحديث القدسي: يدع شهوته وطعامه [13]، قالوا: والمذي يدخل في الشهوة، وهذا هو المذهب عند المالكية والحنابلة.
  • القول الثاني: أن خروج المذي لا يفسد الصوم، وهذا هو مذهب الحنفية والشافعية، قالوا: لأن الأصل صحة الصوم، وليس هناك دليل يدل على أن خروج المذي يفسد الصوم؛ ولأن النبي كان يقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، كما في الصحيحين.

ولا شك أن التقبيل والمباشرة مظنة لخروج المذي؛ لأن المذي يخرج بغير اختيار الإنسان، وأحيانًا لا يشعر به، ولأن هذه المسألة من المسائل التي يبتلى بها كثير من الناس، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلو كان المذي يفسد الصوم لبين هذا النبي للأمة بيانًا واضحًا.

وهذا هو القول الراجح، واختاره ابن تيمية، واختاره من مشايخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله تعالى على الجميع، وهو القول الراجح: أن خروج المذي لا يفسد الصوم.

وأما القياس على المني فهو قياس مع الفارق، بينهما فروق كثيرة، وأما حديث: يدع شهوته المقصود بذلك الجماع، وعلى هذا نقول: إن القول الراجح أن خروج المذي بالذال لا يفسد الصوم.

الثاني عشر: كل ما وصل إلى الجوف أو الحلق أو الدماغ من مائع وغيره

الثاني عشر: كل ما وصل إلى الجوف أو الحلق أو الدماغ من مائع وغيره.

يشمل ذلك: الأكل والشرب، ويشمل لكل ما وصل إلى الحلق؛ ولذلك السنة للصائم ألا يبالغ في الاستنشاق ولا في المضمضة.

وقد جاء في قصة لقيط بن صبرة عند أبي داود، لقيط بن صبرة أتى النبي ، ووجده ومعه راعي غنم، وهذا الراعي أتى بالأغنام، فسلم لقيط على النبي عليه الصلاة والسلام، فرد عليه السلام، وقال عليه الصلاة والسلام للراعي: اذبح لنا واحدة من الغنم ثم كأن لقيطًا يعني يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: لا تكلف نفسك، فقال: إنا لم نذبح لأجلك، وإنما عندنا مائة من الغنم، كلما نتجت واحدة ذبحنا مكانها أخرى، لا نريد أن تزيد على مئةٍ [14]، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

وهذا يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام في آخر حياته كان عنده مال أتاه من الغنائم ونحوها وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى [الضحى:8]، أما في أول الأمر كان كما تقول عائشة: “يمر عليه الشهران والثلاثة، وما أوقد في بيته نارًا” [15].

قال لقيط: فقلتُ يا رسول الله، إن لي امرأة، وإنها لسانها بذيء، قال: طلقها قلتُ: إن لي منها ولدًا، قال: عظها، فإن يكن فيها خير فستسمع، وسألت النبي عن المضمضة والاستنشاق، فقال: وبالغ في المضمضة والاستنشاق، إلا أن تكون صائمًا [16]، أخرجه أبو داود بهذه القصة، والشاهد منه قوله: وبالغ في المضمضة والاستنشاق، إلا أن تكون صائمًا.

وهذا يدل على أن الماء إذا نفذ عن طريق الفم أو الأنف للجوف يفسد الصوم، إلا إذا كان بغير اختيار الإنسان، على هذا تتفرع مسألة معاصرة، وهي قطرة الأنف، قطرة الأنف هل تفسد الصوم؟

نقول: إذا وصل ماؤها إلى الجوف فسد الصوم، أما إذا لم يصل للجوف، وإنما قطرة في آخر الأنف، أو في طرف الأنف، فلا يفسد بها الصوم، إذا احتاج الإنسان لقطرة الأنف يضعها في طرف الأنف، بحيث لا تصل للجوف.

أما قطرة العين والأذن فهذه لا تفسد الصوم على القول الراجح؛ لأن العين والأذن ليستا بمنفذ للطعام والشراب.

قال: فيفطر إن قطر في أذنه ما وصل إلى دماغه.

يعني ظاهر المذهب أن قطرة العين والأذن تفسد الصوم؛ ولهذا المصنف قال: يفطر إن قطر في أذنه ما وصل إلى دماغه، والراجح أن قطرة العين والأذن لا تفسد الصوم.

فإن قال قائل: إنه أحيانًا في قطرة العين قد يشعر الإنسان بطعم القطرة في الحلق، نقول: هذه مجرد رطوبة، العين ليست بمنفذ للطعام أو الشراب، هل رأيتم أحدًا تناول الطعام أو الشراب عن طريق العين أو الأذن؟ هذا لا يوجد، لكن عن طريق الأنف موجود، المريض إذا تعذر أن يعطى الطعام والشراب عن طريق فمه، يعطى عن طريق أنفه.

أو داوى الجائفة فوصل إلى جوفه.

الجائفة: هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف تسمى الجائفة، وكانوا في السابق يضعون الدواء فيها، فإذا وضع الدواء فيها، فوصل للجوف يقول المصنف إنه يفسد الصوم، وهذا هو المذهب.

والقول الثاني: أنه لا يفسد الصوم؛ لأنها ليست أكلًا ولا شربًا، ولا في معنى الأكل والشرب، وهذا هو القول الراجح.

أو اكتحل بما علم وصوله إلى حلقه.

إذا اكتحل ووصل طعم الكحل للحلق فيفسد الصوم، كيف يصل طعم الكحل إلى الحلق؟ هذا يحصل أحيانًا إذا كان الكحل حارًا، أو من بعض الأنواع قد يشعر بطعمها في حلقه؛ ولهذا قال الإمام أحمد: حدثني إنسان أنه اكتحل بالليل فتنخعه بالنهار، واستدلوا أيضًا ببعض الأحاديث التي فيها الأمر باجتناب الكحل للصائم؛ ليتقه الصائم.

والقول الثاني: أن الكحل لا يفسد الصوم مطلقًا، وهذا هو قول الجمهور، وهو القول الراجح، وجميع الأحاديث المروية في الكحل للصائم ضعيفة.

ولهذا قال الترمذي: لا يصح عن النبي في هذا الباب شيء، ونعود للقاعدة التي ذكرناها: الأصل صحة الصوم، لا نقول بأن الصوم فسد إلا بدليل، ما عندنا دليل ظاهر يدل على أن الكحل يفسد الصوم، أو أن قطرة العين، أو قطرة الأذن تفسد الصوم.

أو مضغ علكًا.

المقصود بالعلك ما يسمى الآن باللبان، وليس المقصود به العلك المعروف؛ لأن العلك المعروف فيه سكّر، وفيه مواد أخرى، لكن المقصود اللبان.

أو مضغ علكًا، أو ذاق طعامًا ووجد الطعم في حلقه.

يعني: إذا مضغ علكًا ووجد الطعم فسد صومه، أو ذاق الطعام ووجد الطعم فسد صومه، إذا كان ذلك باختياره.

أما إذا ذاق الطعام، ثم لفظه فلا يفسد صومه، وهكذا إذا ذاق الطعام، ووجد أثر الطعام في حلقه بعدما لفظه، يعني: ذاق الطعام ولفظه، لكنه وجد أثر الطعام في حلقه وابتلعه، فعلى رأي المؤلف فسد صومه.

ولكن القول الراجح أن صومه صحيح، وأن هذا القدر معفو عنه؛ لأنه يسير جدًّا، أشبه ملوحة الماء التي تختلط بالريق عند المضمضة، عندما تريد أن تتمضمض مثلًا للوضوء لصلاة الظهر أو العصر، ملوحة الماء تختلط بريقك، وتبتلع هذا الريق، وهو معفو عنه بالإجماع، فهذا يدل على أن الشيء اليسير جدًّا يتسامح فيه.

أو بلع ريقه بعد أن وصل إلى ما بين شفتيه.

أي: فسد صومه، إذا وصل الريق ما بين الشفتين ثم ابتلعه يقول المؤلف: فسد صومه، والكلام عن بلع الريق سيأتي بعد قليل بالتفصيل.

حكم من فعل شيئًا من المفطرات ناسيًا أو مكرهًا

ولا يفطر إن فعل شيئًا من جميع المفطرات ناسيًا أو مكرهًا.

إذا فعل شيئًا من المفطرات ناسيًا أو مكرهًا فصومه صحيح.

أما الناسي: لقول النبي : من نسي فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه [17].

وأما المكره: يقاس على من ذرعه القيء، قال عليه الصلاة والسلام: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء [18].

ولا إن دخل الغبار حلقه، أو الذباب بغير قصد.

إذا دخل الغبار أو الماء، أو الذباب حلقه بغير قصد، فصومه صحيح؛ وذلك لأنه بغير اختياره.

حكم بلع الريق للصائم

ولا إن جمع ريقه فابتلعه.

بلع الريق لا يفطر الصائم بالإجماع، لكن قالوا: إنه يُكره أن يجمع ريقه فيبتلعه، إلا إذا بلع ريقه بعدما وصل إلى ما بين شفتيه، هذا قبل قليل قلنا: إن المصنف يقول: إنه يفسد به الصوم، والراجح أن بلع الريق لا يفسد به الصوم مطلقًا، حتى لو وصل الريق إلى ما بين شفتيه، وذلك لأنه ليس أكلًا ولا شربًا، وليس في معنى الأكل والشرب.

ضابط ما يحصل به التفطير للصائم

وهذا يقودنا لضابط ما يحصل به التفطير للصائم، وهذا الضابط إذا قرأت في كتب الفقه تجد كلامًا كثيرًا وخلافًا وتشعبًا، فعند الجمهور أن الضابط ما وصل إلى الجوف، ثم اختلفوا في ضابط الجوف على أقوال، وليس هناك قول ظاهر تطمئن إليه النفس في الضابط، إلا القول الذي ذكره ابن تيمية رحمه الله، وهو أن الضابط فيما يحصل به التفطير للصائم هو ما كان منصوصًا عليه أو في معنى المنصوص، هذا هو الضابط.

فالأكل والشرب منصوص عليهما، وما كان في معناهما، مثل معناهما مثلًا الإبر المغذية، الإبر المغذية في معنى الأكل والشرب، مثل ما ذكرنا أيضًا في الحجامة، الحجامة منصوص عليها في معناها سحب الدم الكثير.

فضابط ما يحصل به التفطير القول الراجح أنه ما كان منصوصًا عليه أو في معنى المنصوص، وعلى هذا نذكر بعض المفطرات المعاصرة، مثلًا: بخاخ الربو لا يفسد الصوم؛ لأنه يذهب لمجال النفس، وليس للمعدة، وقد يصل للمعدة جزء يسير، لكنه معفو عنه، أشبه ملوحة الماء إذا اختلطت بالريق وابتلعها الصائم فهي معفو عنها بالإجماع.

لكن أحيانًا قد يكون علاج الربو ليس ببخاخ، يكون بعقاقير يضعها في فمه ويبتلعها هذه تفسد الصوم، أما إذا كان مجرد بخاخ لا يفسد الصوم.

غسيل الكلى يفسد الصوم، سواء أن كان غسيلًا دمويًا، أو بروتينيًّا، وذلك ليس لأن الغسيل في معنى الحجامة، وإنما لأن الغسيل يصحبه إدخال جلكوز وأملاح وأدوية، وأشياء أخرى يحصل بها التفطير؛ ولذلك لو قست مستوى السكر قبل الغسيل وبعد الغسيل، تجد أن مستوى السكر ارتفع بعد الغسيل الكلوي، ويحس بنشاط، فالغسيل الكلوي بنوعيه يفسد الصوم.

الإبر: إذا كانت الإبر مغذية تفسد الصوم، إذا كانت علاجية ليست مغذية لا تفسد الصوم.

خلع السن: لا يفسد الصوم، حتى لو خرج دم؛ لأن الدم الذي يخرج مع قلع السن يسير، فلا يفسد الصوم.

حقن الدم: يفسد الصوم؛ لأن الدم هو غاية الغذاء، فحقن الدم يفسد الصوم.

ما يجب على من جماع في نهار رمضان؟

ثم قال المصنف رحمه الله:

فصل فيمن جامع في نهار رمضان:

قال:

ومن جامع نهار رمضان في قبل، أو بدبر، ولو لميت أو بهيمة في حالة يلزمه فيها الإمساك مكرهًا كان أو ناسيًا لزمه القضاء والكفارة.

قبل أن ندخل في هذا الباب نطرح سؤالًا يكون للجهة اليمنى، ما ضابط ما يحصل به التفطير للصائم، القول الراجح في هذا الضابط؟

ما سبق سألناك، طيب تفضل.

الطالب: إذا كان منصوصًا عليه.

الشيخ: أو في معنى المنصوص، بارك الله فيك.

الجماع نهار رمضان: هو أعظم المفطرات، كما أنه في الحج أعظم مفسدات الحج، ولما كان هو أعظم المفطرات كان أشدها تحريمًا.

ومن جامع نهار رمضان، قال: في قُبُل، يشمل قُبُل الحلال والحرام، يعني: فرج الحلال والحرام، أو دبر، يعني المقصود به: الفاحشة عمل قوم لوط، ولو لميت، حتى لو كان الجماع لميت في نهار رمضان، يعني بعض النفوس قد تكون دنيئة، يرى هذا الميت ومع ذلك يتجرأ على فعل الفاحشة فيه، نسأل الله السلامة والعافية.

أو بهيمة، حتى لو كان الوطء لبهيمة، أو في حالة يلزمه فيها الإمساك مكرهًا كان أو ناسيًا، يعني: لا فرق بين المختار والمكره والناسي.

قال: أو في حالة يلزمه فيها الإمساك مكرهًا كان أو ناسيًا، قوله: في حالة يلزمه فيها الإمساك، احترازًا من الحالة التي لا يلزمه فيها الإمساك، كالمسافر والمريض ونحوهما مما يباح له الفطر، ومن ذلك الجماع.

وقوله: مكرهًا كان أو ناسيًا، المؤلف لا يفرق بين المكره وغير المكره بالنسبة للرجل، وهكذا أيضًا بالنسبة للمرأة، إكراه المرأة على الفاحشة هذا ظاهر، لكن إكراه الرجل كيف يُكره الرجل على الفاحشة؟

بعض الفقهاء قالوا: إن هذا لا يتصور؛ أي الإكراه في حق الرجل؛ لأن الرجل لا يمكن أن يقع في الفاحشة إلا مع انتشار الآلة، وانتشار الآلة لا يكون مع الإكراه، ولكن هذا محل نظر؛ إذ أنه ربما يُستثار رغمًا عنه، وتنتشر الآلة رغمًا عنه، فهو متصور عقلًا، وممكن وإن كان نادرًا.

والقول الثاني في المسألة: أن المكره ليس عليه شيء، وهذا هو القول الراجح؛ لقول النبي : إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه [19]؛ ولأن الناسي إذا كان ليس عليه شيء، فكذلك المكره.

الناسي طبعًا على القول الراجح، وإلا على قول المصنف أن الناسي كالمكره تجب عليه الكفارة، والصواب أن الناسي والمكره ليس عليهما شيء، لا كفارة، ولا قضاء.

قال: لزمه القضاء والكفارة، يعني: يلزم من جامع في نهار رمضان القضاء والكفارة والتوبة، وأيضًا: إمساك بقية يومه.

قال: وكذا من جومع إن طاوع غير جاهل وناس.

المرأة إن طاوعت الرجل فعليها ما على الرجل، لكن إن أكرهت المرأة، فليس عليها شيء، لكن هنا أنبه إلى قضية مهمة: أن المقصود بإكراه المرأة ألا يكون لها خيار، أما إذا كان لها خيار فلا تعتبر مكرهة.

نكمل إن شاء الله بعد الأذان.

قبل أن نكمل نطرح سؤالًا، السؤال أظنه للجهة الوسطى نعم:

قطرة الأنف، وقطرة الأذن، وقطرة العين، ما الذي يفسد الصيام منها؟ وما الذي لا يفسد الصيام؟

نعم، تفضل.

الطالب: الذي يفسد الصوم قطرة الأنف.

الشيخ: قطرة الأنف متى؟ إذا ما وصل ماؤها إلى الجوف، أما قطرة العين لا تفسد الصوم، قطرة الأذن لا تفسد الصوم، بارك الله فيك.

نحن ذكرنا إكراه المرأة، قلنا: المقصود بإكراه المرأة لا يكون لها خيار كالمقيدة، أما إكراه المرأة الذي يعني مجرد أن الزوج يرفع الصوت عليها، ونحو ذلك وتطاوعه، لا تعتبر مكرهة، بل يفسد صومها، وعليها الكفارة كالرجل.

المقصود بالإكراه أنه لا يبقى لها خيار، كأنها مقيدة بسلاسل ما لها أي خيار؛ لأن بعض العامة يفهم الإكراه بفهم واسع، مجرد أن رفع الصوت عليها، أو كذا ما يعتبر إكراهًا، ويفترض أن المرأة أنها تبتعد عن الرجل إذا أرادها تبتعد عنه، وتبتعد عن فراشه، وتذكره بالله .

ومع الأسف هذا الأمر وهو الجماع في نهار رمضان من خلال من واقع الاستفتاءات، ترد استفتاءات كثيرة فيه، ويعني لا أذكر أن مستفتيًا قال: إني أجهل، بل يقول: ضعفت نفسي، جميع المستفتين الذين استفتوا مني في هذا الموضوع كلهم يقولون: نحن نعرف الحكم، لكن ضعفت أنفسنا، وهذا يدل على رقة الديانة، وإلا هذا الأمر هو أعظم مفسد للصوم، وهو أعظم من الأكل والشرب.

ولذلك فالمرأة عليها مسؤولية في هذا، إذا أرادها الرجل تبتعد عن الزوج، تذكره بالله، لا تطاوعه على هذا الأمر، ولا تعتبر مكرهة، إلا إذا لم يكن لها خيار، كأنها مقيدة، أما مجرد أن الزوج يحاول معها، ويرفع صوته عليها؛ لا يعتبر إكراهًا، تشترك معه في الإثم، ويلزمها القضاء والكفارة كالرجل.

لكن المصنف هنا قال: إن المرأة إذا كانت جاهلة أو ناسية ليس عليها شيء، بينما الرجل قال: عليه كفارة، والصواب أنه لا فرق بين الرجل والمرأة، أن الجاهل والناسي والمكره ليس عليه شيء.

كفارة الجماع في نهار رمضان

ثم انتقل المؤلف للكلام عن بيان الكفارة، قال:

والكفارة عتق رقبة مؤمنة.

ولا يوجد الآن رق، الرق الآن انقرض في العالم، وأصبح مجرمًا في جميع دول العالم، بل الملاحقة من المنظمات الدولية ونحو ذلك، فالرق الآن انقرض لا يوجد رق في الوقت الحاضر رق شرعي، وما يذكر من الرق في بعض البلدان مشكوك في صحته شرعًا.

فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.

ولا بد من التتابع في صيام الشهرين، ولو أنه صام ثمانية وخمسين يومًا ثم أفطر يومًا، لزمه أن يعيده من جديد.

فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.

فإن لم يستطع هنا أنبه أيضًا إلى أن بعض العامة يفسر عدم الاستطاعة بالمشقة، المشقة في صيام شهرين متتابعين لا بد منها، أي إنسان حتى لو كان شابًا صحيحًا معافى، تقول له: صم شهرين متتابعين سيجد مشقة، المشقة لا بد منها لأن الجرم عظيم، انتهاك لحرمة الشهر بهذا الأمر.

وإنما المقصود بمن لم يستطع إذا عجز عن صيام شهرين متتابعين، أو كان يتضرر؛ ولذلك الذي يقول: إنني لا أستطيع أن أصوم شهرين متتابعين، أطرح عليه سؤالًا: هل صمت شهر رمضان؟ فإن قال: نعم، إذن أنت قادر على صيام شهرين متتابعين، أما المشقة لا بد منها، ما دمت صمت شهر رمضان كاملًا، معنى ذلك أنت قادر على صيام شهرين متتابعين.

ولهذا ينبغي حتى للمفتين أن يفهموا مراد المستفتين؛ لأن بعض العامة يقول للمفتي: أنا ما أستطيع صيام شهرين متتابعين، يقول له المفتي: إذن أطعم ستين مسكينًا، ومراد هذا المستفتي بقوله: لا أستطيع أن عليه مشقة، المشقة لا بد منها، صيام شهرين متتابعين يشق على الجميع، لكن لا بد من تحمل هذه المشقة.

لكن لو كان مثلًا مريضًا، أو كبيرًا في السن مثلًا، ونحو ذلك فإنه يعدل لإطعام ستين مسكينًا، والمرجع في ذلك كما ذكرنا في الدرس السابق، المرجع في الإطعام إلى العرف.

أقسام الطعام والمُطْعَم

ويقسم الفقهاء الطعام والمطعم إلى ثلاثة أقسام:

  • القسم الأول: ما قدر فيه الطعام دون المُطعم، وهو زكاة الفطر، فإن الواجب فيها صاع، قدر فيها الطعام دون المطعم.
  • القسم الثاني: ما قدر فيه المُطعم دون الطعام، وهو كفارة الجماع في نهار رمضان، وكفارة الظهار، وكفارة القتل، فقدر فيها المطعم بستين مسكينًا، لكن لم يقدر قدر الطعام، فالمرجع فيه للعرف.
  • القسم الثالث: ما قدر فيه الطعام والمُطعم، الذي يعرف الإجابة، يمثل لنا بمثال نعطيه جائزة، قدر فيه الطعام والمُطعم جميعًا الاثنين كلها، من يمثل؟

الظاهر الدور الآن على الجهة اليسرى، نعم.

الطالب: في اليمين.

الشيخ: لا، ليس هذا هو الجواب الصحيح.

الطالب: في فدية الأذى في الحج.

الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، تفضل، نعم.

في فدية الأذى قدر فيها الطعام والمطعم، قدر بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، كما في الصحيحين من حديث كعب بن عجرة، ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، قدر الطعام والمُطعم.

قال:

فإن لم يجد.

يعني: لم يجد إطعام ستين مسكينًا.

سقطت.

سقطت الكفارة كما في قصة ذلك الرجل الذي أتى النبي وقد وقع على أهله في رمضان، ودخل على النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول: “يا رسول الله، هلكت هلكت، قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على أهلي في رمضان، فقال: أعتق رقبة قال: لا أجد، قال: صم شهرين متتابعين قال: وهل أوقعني إلا الصيام”؛ لأنه كان عنده شيء من الشبق، فما استطاع أن يمسك نفسه.

“قال: أطعم ستين مسكينًا قال: على أفقر مني، فو الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا، فضحك النبي ، وقال: اجلس فجلس، ثم أتي بتمر، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: خذ هذا وأطعمه أهلك[20]، فهنا سقطت عنه الكفارة، ولا يقال: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: أطعمه أهلك إن هذه كفارة؛ لأن قاعدة الشريعة أن الإنسان لا يكون مصرفًا لكفارته، ولا لزكاته.

ولاحظ كيف تعامل النبي عليه الصلاة والسلام معه، الرجل أتى تائبًا، ما عنفه النبي عليه الصلاة والسلام بكلمة، ما عنفه بكلمة، ما قال: ما تستحي، ما قال: عندك الليل، ما قال..، مجرد أعتق رقبة مباشرة.

ولذلك قال لما رجع لقومه، قال: بئس ما فعلت خوفتموني؛ لأنه قال: هلكت، أتى وهو مرعوب، يقول: هلكت، ورجع وهو يضحك ومعه تمر يطعم أهله، فانظر إلى كيفية تعامل النبي عليه الصلاة والسلام، التائب يتعامل معه، التائب يعامل معاملة خاصة، التائب يترفق به، لا يعنف، لا يوبخ، يشجع على التوبة، بخلاف غير التائب.

النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى رجلًا وقد لبس خاتمًا من ذهب، نزعه ورماه في الأرض، لاحظ سلك معه أسلوب آخر؛ لأنه لبس هذا الخاتم من ذهب، وقد علم النهي، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار، فيضعها في يده [21].

لكن التائب لاحظ كيف تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع التائبين، مع ماعز ومع الغامدية، مع هذا الرجل، فالتائب يعامل معاملة خاصة، لا يوبخ، ولا يعنف.

قال: بخلاف غيرها من الكفارات.

يعني فإنها لا تسقط بالعجز عنها، وهذا هو المذهب.

والقول الثاني في المسألة: أن الكفارات كلها تسقط بالعجز عنها؛ لعموم الأدلة، وهذا هو القول الراجح.

هل تجب الكفارة على من أفطر بغير الجماع؟

ولا كفارة في رمضان بغير الجماع.

يعني: لو أفطر بالأكل أو الشرب، أو غيره من المفطرات، فليس عليه كفارة، إنما فقط الكفارة تكون بالجماع في نهار رمضان، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة خلافًا للحنفية والمالكية الذين يرون أن الكفارة تكون حتى بالأكل والشرب، والصواب أنها خاصة بالجماع في نهار رمضان؛ لأنها هي التي ورد بها النص.

والإنزال بالمساحقة.

هذا بالنسبة للمرأة، مساحقة المرأة للمرأة، إذا ساحقت المرأة المرأة فحصل الإنزال فهذا على كلام المؤلف إنه يوجب الكفارة المغلظة كالجماع، قياسًا على الجماع.

والقول الثاني: أنه يجب القضاء والتوبة، ولا تجب الكفارة المغلظة، وهذا هو القول الراجح.

ولهذا قال الموفق ابن قدامة: أصح الوجهين، يعني: عند الحنابلة أنه لا كفارة عليهما؛ لأنه ليس منصوص عليه، وليس في معنى المنصوص.

انتقل المؤلف بعد ذلك لأحكام القضاء، أحكام القضاء وصيام النافلة والاعتكاف، إن شاء الله نتكلم عنها بعد صلاة العشاء، الآن نجيب حتى إقامة الصلاة عما تيسر من الأسئلة.

الأسئلة

نبدأ بالأسئلة المكتوبة، لكن نطرح سؤالًا أيضًا.

والإنزال والمساحقة، أين البهيمة؟ في أول الكتاب.

نعم، هذا ذكرناه في أول الكتاب أنه كذلك لو جامع بهيمة أن هذا عليه كفارة، كما لو جامع آدمية، فهذا موجب للكفارة، وكذلك القضاء.

نجيب الآن عما تيسر من الأسئلة، لكن نطرح سؤالًا أيضًا:

نحن ذكرنا الإبر في نهار رمضان، هل تفسد الصوم، أم لا؟ الآن أي جهة؟ الجهة اليمنى، أخذنا الوسط نعم، إذن الجهة اليسرى، نعم.

الإبر هل تفطر الصائم، أم لا؟ نريد: نعم أم لا، تفضل.

الطالب: نعم المغذية تفسد الصوم.

الشيخ: المغذية، فحكمها تفسد الصوم، طيب: وإذا كانت علاجية غير مغذية؟

الطالب: لا تفسد الصوم.

الشيخ: بارك الله فيك، تفضل.

طيب هذا في الصيام، إي نعم.

السؤال: المسافر الذي نوى وقرر الفطر لسفره في أثناء النهار، هل عليه كفارة؟

الشيخ: المسافر يجوز له الفطر، وعليه القضاء فقط، وليس عليه كفارة.

السؤال: مريض الزهايمر هل يجب عليه الإطعام من ماله؟

الشيخ: الزهايمر له درجات، فإذا لم يذهب عقله، لكن خف الضبط عنده، وكان على درجة عالية بحيث لا يضبط الصوم، ولا يضبط الصلاة، فلا يجب عليه الصوم، لكن لو أطعم عنه لكان أحوط، خاصة أن درجات الزهايمر أحيانًا التفريق بينها قد يكون فيه عسر، فالأحوط أن يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا.

السؤال: إذا أفطرت المرأة بسبب الحمل، وأقبل رمضان الثاني في السنة التي بعدها، وهي ترضع، كيف تقضي؟

الشيخ: تقضي بعد رمضان، والجواب عليها القضاء فقط دون الإطعام؛ لأنها معذورة بذلك.

السؤال: ما وجه القول بأن قطرة الأنف لا تفطر؛ لأنها ليست بأكل أو شرب، ولا بمعنى الأكل والشرب؟

الشيخ: إذا كانت قطرة الأنف لا تصل للجوف فإنها لا تفطر، لكن إذا وصل ماؤها للجوف، فما الفرق بين ماء القطرة وبين ماء الوضوء، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا [22]، فإذا وصل ماء القطرة للجوف فإنها تفسد الصوم.

السؤال: الحجامة، هل يأخذ حكمها الجراحون في كافة التخصصات؟

الشيخ: لا يأخذ حكم الحاجم، بل الحاجم نفسه إذا كانت الحجامة بتفريغ الهواء، وليس بمص الدم لا يفسد صومه.

السؤال: ما حكم الاعتكاف في الجوامع من غير المساجد الثلاثة؟

الشيخ: لا بأس بذلك، وحكي الإجماع على هذا، والقول بأنه لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة عد من الأقوال الشاذة، وأما حديث حذيفة: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» [23].

أولًا: الحديث ضعيف، ولو صح فالمقصود: لا اعتكاف كامل.

والله تعالى يقول: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] هذا يشمل جميع المساجد، فالصواب والذي عليه عامة الفقهاء أن الاعتكاف يصح في جميع المساجد، وسأتكلم عن هذا بالتفصيل إن شاء الله في باب الاعتكاف.

السؤال: هل يجوز للمعتكف الخروج والنوم في الفندق، والعودة للحرم؟

الشيخ: الخروج لقضاء الحاجة لا بأس، سواء كانت دورة مياه الفندق، أو دورات المياه المجاورة للحرم، أما الخروج للنوم في الفندق هذا يقطع الاعتكاف، هذا ما أصبح اعتكافًا، إذا كان سيذهب وينام في الفندق ما أصبح معتكفًا، فليس له ذلك.

لكن يمكن أن يجزّئ الاعتكاف، يعني مثلًا: يجعل الاعتكاف يبدأ من المغرب إلى الفجر، وبعد الفجر ينتهي الاعتكاف، ويذهب للفندق وينام، اليوم الثاني يبدأ اعتكافه من المغرب إلى الفجر، وهكذا.

السؤال: متى يفطر المؤذن قبل الأذان، أم بعده؟

الشيخ: الأفضل أن المؤذن يفطر بعد الأذان؛ لأن مراعاة جماعة الناس أولى من مراعاة خاصة نفسه؛ لأنه إذا أفطر بعد الأذان يكون قد أذن في أول الوقت، والناس أفطروا بأذانه، فاستفاد بأذانه الجمع من الناس، بخلاف ما لو تأخر في الأذان وأفطر، ثم أذن، فتقديم مصلحة الناس العامة أولى من تقديم مصلحة نفسه الخاصة، فالأفضل أن يؤذن، ثم يفطر.

الطالب: ممكن وسط الأذان؟

الشيخ: لا، ما له داعي؛ لأن خاصة الأذان ما يأخذ وقتًا كثيرًا.

السؤال: أيهما أفضل ختم القرآن في رمضان، أو مراجعة الحفظ وزيادة الحفظ؟

الشيخ: الأفضل الجمع بينهما؛ لأن النبي كان يجالس جبريل كل ليلة من ليالي رمضان، والمدارسة تعني مراجعة الحفظ، ولكن أيضًا مطلوب من المسلم أن يجعل من وقته نصيبًا للتلاوة، ويختم القرآن عدة مرات، وكان كثير من السلف يقرؤون من المصحف؛ لأن القراءة من المصحف فيها أيضًا ثواب آخر وهو النظر للمصحف، النظر يؤجر ويثاب عليه.

ثم أيضًا تعينه على التدبر أكثر من القراءة من الحفظ في الغالب.

لكن السؤال: أيهما أفضل أن يقرأ بسرعة، ويختم عدة ختمات، أو يتأنى في القراءة ويرتل، وتكون ختماته أقل؟

طبعًا إذا قلنا: يقرأ بسرعة من غير أن يسقط شيئًا من الحروف، الذي يظهر -والله أعلم- أنه إذا كان يمكن أن يقرأ بتؤدة ويتدبر فهو أفضل، لكن أحيانًا لا تأتي الحالة النفسية والمزاجية للإنسان في كل وقت، فقد لا يكون الوقت ملائمًا، فكونه يقرأ بسرعة، حتى يكسب أجرًا وثوابًا على كل حرف بعشر حسنات يكون هذا أفضل، فيختار ما هو الأصلح لقلبه.

السؤال: في كم يوم ينبغي ختم القرآن في رمضان؟

الشيخ: العلماء كرهوا أن يمر على المسلم أربعون يومًا لم يختم فيه القرآن، قالوا: إنه يكره، والأفضل في غير رمضان أن يختم في كل أسبوع مرة؛ لأن هذا هو الذي انتهى به النبي مع عبدالله بن عمرو في الرواية الصحيحة، وهو المأثور عن جمهور السلف أنهم يختمون القرآن في كل أسبوع مرة.

لكن كما قال ابن رجب وغيره: رمضان يختص بأنه لو ختم فيه أقل من ثلاث فلا يكره، فيمكن يعني ليس هناك حد محدود، لو أراد أن يختم كل يوم فهذا طيب عمل صالح، ومن قرأ حرفًا فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.

بعض أهل العلم ضرب عشرة في عدد حروف القرآن، فوجد أن النتيجة أكثر من ثلاثة ملايين حسنة على الختمة، وهذا فضل الله، وفضل الله يؤتيه من يشاء، رمضان هو شهر القرآن ينبغي الإكثار فيه من تلاوة القرآن.

نختم بهذا السؤال:

السؤال: يقول: من قواعد الشريعة أن تجمع بين المتماثلات، فإذا حصلت مشقة بالغة في حال الحضر من غير مرض، هل يجوز له الفطر لأصحاب المهن الشاقة؟

الشيخ: لا يجوز الفطر؛ لأن بإمكانه أن يتحمل، وأن يصبر ما دام ليس مريضًا ولا كبيرًا في السن، لا يجوز له الفطر بحال.

ونكمل إن شاء الله بعد الصلاة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه أبو داود: 2380، والترمذي: 720، وقال: حسنٌ، وابن ماجه: 1676، وأحمد: 10463.
^2 رواه مسلم: 1114.
^3 رواه البخاري: 1946، ومسلم: 1115.
^4 رواه مسلم: 1121.
^5 رواه البخاري: 1945، ومسلم: 1122.
^6 رواه أبو داود: 2408، والترمذي: 715، وقال: حسنٌ، والنسائي في السنن الكبرى: 2598، وأحمد: 19047.
^7, ^10, ^22 سبق تخريجه.
^8 رواه أبو داود: 2367، والترمذي: 774، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنسائي في السنن الكبرى: 3120، وأحمد: 8768.
^9 رواه البخاري: 5700، ومسلم: 1202.
^11 رواه أبو داود: 2149، والترمذي: 2777، وأحمد: 22991.
^12 بنحوه رواه البخاري: 5269.
^13 رواه البخاري: 7492، ومسلم: 1151.
^14 رواه الحاكم في المستدرك: 2914.
^15 رواه مسلم: 2972.
^16 رواه أبو داود: 142، والترمذي: 788، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنسائي: 87، وابن ماجه: 407، وأحمد: 16380.
^17 رواه البخاري: 1933، ومسلم: 1155.
^18 رواه الترمذي: 720، وقال: حسنٌ، والنسائي في السنن الكبرى: 3119، وابن ماجه: 1676، وأحمد: 10463.
^19 رواه ابن ماجه: 2043.
^20 رواه البخاري: 6087.
^21 رواه مسلم: 2090.
^23 رواه البيهقي: 4/ 315.
مواد ذات صلة