الرئيسية/برامج إذاعية/فقرة زدني علمًا (برنامج اللهم بك أصبحنا)/(7) زدني علمًا- التعامل مع المسائل الخلافية (1)
|categories

(7) زدني علمًا- التعامل مع المسائل الخلافية (1)

مشاهدة من الموقع

المقدم: أهلًا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الفقرة الأسبوعية فقرة “زدني علمًا”، مع معالي الشيخ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حياكم الله يا شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا حياكم الله، وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: أهلًا ومرحبًا بك شيخنا كعادة هذه الفقرة عنوان عريض ومسألة تهم الجميع نناقشها، ونحاول أن نخرج منها بتوجيه عام.

شيخ سعد الكثير ربما يبحث عن موقف محدد يتخذه تجاه المسائل الخلافية التي تظهر فيها أكثر من فتوى، وأكثر من رأي، يعني من الأمثلة صلاة الجماعة، وحجاب المرأة المسلمة، سواء في العبادات، أو في العقائد، كيف يتعامل المسلم مع مثل هذه المسائل الخلافية؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإذا اختلف العلماء في مسألة من المسائل الاجتهادية التي يسوغ الخلاف فيها، فإن موقف المستفتي هل يتبع قول الأشد، أو يتبع قول الأيسر، أو أنه يأخذ بالأحوط، أو أنه يأخذ بالأوثق؟

هذه محل خلاف بين أهل العلم، والمسألة مبسوطة في كتب أصول الفقه، والقول المرجح عند كثير من المحققين من أهل العلم أنه يلزمه أن يتبع رأي من يرى أنه هو الأوثق في علمه ودينه وأمانته، فيلتزم قوله سواء كان قوله هو الأشد، أم كان قوله هو الأيسر.

أرأيتَ لو اختلف الأطباء في وصفة من الوصفات، أو في تشخيص، أو نحو ذلك، ماذا يتبع الإنسان، عندما يختلف أكثر من طبيب؟ تجد أن المريض يأخذ برأي من يرى أنه أعلم الأطباء، وأحذق الأطباء، وأكثر الأطباء خبرة.

وهكذا أيضًا بالنسبة لعلوم الشريعة، عندما يختلف أهل العلم، فإن السائل أو المستفتي يتبع من يرى أنه هو الأوثق والأعلم، وليس له أن يتتبع الرخص، وأن يبحث عن الأيسر كما يفعل بعض الناس.

بعض الناس إذا سمع قولًا أو فتوى توافق هواه طار بها، والتزم بها، وقال: إن هذا يعني بيني وبين الله ​​​​​​​، وبعض العامة يقول: “اجعل بينك وبين النار مطوّع”، وهذا الكلام غير صحيح.

لأن معظم المسائل الفقهية لا تخلو من خلاف، ولا تخلو من أقوال، فمن سيتتبع الرخص سيجد في كل قول من رخص، ومن سهل، والعلماء يقولون: “من تتبع الرخص فقد تزندق”.

وبعض المسائل الخلاف فيها ضعيف؛ ولذلك لا يلتفت للخلاف فيها، فبعض المسائل تكون الأدلة فيها واضحة وظاهرة، مثل مثلًا وجوب صلاة الجماعة وردت فيها نصوص: أنّ الله تعالى أمر بها حتى في المعركة في حال الحرب أمر الله تعالى بالجماعة: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:102].

لم يرخص النبي  للرجل الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ويقوده للمسجد، وقال: لا أجد لك رخصة [1]، هل تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ قال: نعم، قال: فأجب [2]، والحديث في صحيح مسلم، وأحاديث كثيرة تدل لهذا.

وكذلك أيضًا بالنسبة لحجاب المرأة، فالأدلة ظاهرة على عناية الشريعة بحجاب المرأة، ووجه المرأة هو مجمع الزينة؛ ولذلك تقول عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين: فلما رأيت صفوان بن المعطل، فخمرت وجهي [3] وهذا في الصحيحين.

وهناك أيضًا أمر آخر ذكره أهل العلم، وهو أن العامة في البلد يتبعون أو ملزمون بأن يتبعوا فتوى علماء بلدهم، وهذا ذكره أهل العلم؛ لأنه لا تنتظم الأمور إلا بذلك، فليس لامرأة يفتي علماء البلد بوجوب تغطية الوجه أن تقول: أنا آخذ برأي علماء بلد آخر، أو دولة أخرى لا يرون تغطية الوجه، بل أهل ذلك البلد ملزمون بفتوى وبرأي علماء بلدهم، وبهذا ينتظم أمر الفتوى.

ولذلك أقول: إن السائل أو المستفتي يلزمه أن يأخذ برأي من يرى أنه الأوثق من أهل العلم في علمه، وفي دينه، وفي أمانته.

المقدم: في هذا المحور شيخ سعد لدي مجموعة من الأسئلة والإشكالات، لكن انتهى وقت فقرتنا، ونكمل إن شاء الله في هذا الموضوع في الحلقة القادمة إن شاء الله.

الشيخ: إن شاء الله تعالى.

المقدم: شكر الله لكم معالي الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في هذه الفقرة الأسبوعية “زدني علمًا”.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه أبو داود: 552.
^2 بنحوه رواه مسلم: 653.
^3 رواه البخاري: 4141، ومسلم: 2770.
مواد ذات صلة