الرئيسية/فتاوى/معنى قوله تعالى: “عاملة ناصبة”
|categories

معنى قوله تعالى: “عاملة ناصبة”

مشاهدة من الموقع

السؤال

هذه الآيات التي نسمعها بشكل أسبوعي، يتلوها خطباء الجمعة في المساجد، الحقيقة شيخنا الكريم المتأمل بـها هي مخيفة: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ۝وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ۝عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ۝تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية:1-4]، فجميلٌ لو فسرتـم هذه الآيات أحسن اللّـه إليكم.

الجواب

للمفسرين قولان في معنى قوله جل وعلا: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ:

القول الأول: أن المقصود أن هذا في النار، أنـها تكون في النار عاملة مجهدة، ناصبة متعبة، بسبب عذاب جهنم، وبسبب ما تجده من النكال والعذاب الشديد، فإن عذاب اللّـه ​​​​​​​ شديدٌ، يصف النبي عليه الصلاة والسلام نار جهنم فيقول: ناركم هذه التي توقدون يعني: في الدنيا جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم، قالوا: يا رسول اللّـه، إنـها واحدة لكافية. قال: إنـها فُضِّلت عليها تسعًا وستين مرة [1]، يعني: تصور حرارة نار الدنيا، حرارة نار جهنم مضعَّفة عليها تسعًا وستين مرة، يعني: كم درجة حرارة الدنيا؟ كم تُعطيها مثلًا؟

اضرب هذا الرقم في سبعين، لو أعطيت مثلًا 100 درجة حرارة الدنيا، اضربـها في 70، تكون: 700، فهذا يدل على شدة العذاب، فعذاب اللّـه تعالى شديد.

ولهذا فإن أهل النار يأتيهم عذابٌ شديدٌ جدًّا، حتى إنـهم يتمنَّون العدم، يعني: ليس لهم أمل أصلًا في الجنة، ولا الخروج من النار هكذا، فيتمنَّون العدم: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ [الزخرف:77]، مالك هو خازن النار، لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ما نريد الحياة أصلًا.

المقدم: حتى العصاة من المسلمين شيخنا؟

الشيخ: لا، العصاة من المسلمين يخرجون من النار برحمة أرحم الراحمين، كل من مات على التوحيد لا يُـخلَّد في النار، مَن مات على التوحيد، حتى وإن دخل النار يخرج منها برحمة أرحم الراحمين، ويكون مآله إلى الجنة، وهذا يدل على فضل التوحيد.

هذا هو القول الأول في معنى: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ [الغاشية:3].

القول الثاني: أن المقصود بـها أنـها في الدنيا عاملة، لكنها على ضلال، فناصبة: تصلى نارًا يوم القيامة، فهي عاملةٌ ناصبة: تعمل وتجتهد، لكن هذا العمل لا يُقبل منها؛ لأنـها على ضلالٍ، وعلى انحرافٍ، وعلى كفرٍ، وعلى شركٍ، وعلى انحرافٍ عن الصراط المستقيم؛ ولذلك فإنـها تنصب وتتعب يوم القيامة.

وكلا القولين تحتمله الآية، والقاعدة عند المـحققين من أهل العلم: أن الآية إذا احتملت معنيين لا اختلاف بينهما؛ تُحمل على المعنيين جميعًا، أو المعاني جميعًا.

فهذا هو كلام المفسرين عن هذه الآية.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 2843.
مواد ذات صلة