الرئيسية/فتاوى/أهمية المحافظة على قراءة القرآن بعد رمضان
|

أهمية المحافظة على قراءة القرآن بعد رمضان

مشاهدة من الموقع

السؤال

كثيرًا من المسلمين -وللّـه الحمد والمنة- قد أكبوا على قراءة القرآن الكريم، وهذا عمل طيب ويؤجرون عليه بإذن اللّـه ، لكن ربَّـما مع لأواء الحياة، وأيضًا تعاقب الأيام وانشغالهم، ربَّـما أنَّـهم يبتعدون عن تلاوة القرآن الكريم، فما هو التوجيه الشرعي، أحسن اللّـه إليك؟

الجواب

ينبغي أن يجعل المسلم من وقته نصيبًا لتلاوة القرآن، لا يـمر عليه يوم إلا وقد قرأ فيه شيئًا من كتاب اللّـه ​​​​​​​، وقد كان النبي ، وكان الصحابة كل واحدٍ منهم يجعل له حزبًا، والمقصود بالحزب، يعني: نصيب وقدر يحافظ عليه كل يوم وكل ليلة، قد يزيد عليه لكن لا ينقص منه، وهو المراد في قول النبي عليه الصلاة والسلام: من نام عن حزبه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر؛ كُتب كأنـما قرأه من الليل [1]، رواه مسلم.

فهذا يقتضي أن المسلم ينبغي أن يقرأ كل يوم، لا يجعل تلاوة القرآن على الهامش، لا يجعلها في وقت فراغه: إن تيسر له وقت فراغ قرأ فيه القرآن، وإلا لـم يقرأ؛ لأنه إذا فعل ذلك ستمر عليه مدد طويلة ما قرأ فيها شيئًا من القرآن الكريم، وهذا قصورٌ كبير، فعلى المسلم أن يُعنَـى بتلاوة القرآن الكريم، كل يوم يجعل له قدرًا يحافظ عليه.

وتلاوة القرآن من الأعمال الصالحة العظيمة، كما قال اللّـه سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ۝لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:29-30].

فانظر كيف أن اللّـه تعالى قرن تلاوة القرآن بإقام الصلاة، والإنفاق في سبل الخير: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً، ثم أيضًا قدمها على الصلاة وعلى الإنفاق، بدأ بالتلاوة، وهذا يدل على شرفها، وعظيم أجرها وثوابـها: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ۝لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ.

ويقول سبحانه: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61]، فخص تلاوة القرآن مع أنـها داخلة أصلًا في العمل: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ يشمل تلاوة القرآن، لكن خصها بالذكر لشرفها، ومن قرأ حرفًا من كتاب اللّـه فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فتلاوة القرآن من الأعمال الصالحة العظيمة.

ثم أيضًا تلاوة القرآن -خاصةً مع التدبُّر- هي من أعظم أسباب الثبات، خاصةً في هذا الزمن الذي نعيشه الآن، والذي كثرت فيه الفتن، فمن أعظم أسباب الثبات: الارتباط بكتاب اللّـه ، فإذا ارتبط الإنسان بكتاب اللّـه كل يوم يقرأ فيه شيئًا من كتاب اللّـه ، سيرتبط بـهذا القرآن العظيم، الذي فيه نبأ من قبلنا، وخبر من بعدنا، فيه ذكر أحوال الدنيا وأحوال الآخرة، فيه ذكر الجنة.. فيه ذكر النار، فيه أوصاف الجنة، وأوصاف النار، فيه الموعظة، فيه الشفاء، فيه النور، فيه الهداية، إذا ارتبط بـهذا القرآن العظيم هذا من أعظم أسباب الثبات، بل من أعظم أسباب زيادة الإيـمان، كما قال سبحانه: وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2].

فالذي أوصي به: أن الإنسان بعد انقضاء شهر رمضان وقد قرأ شيئًا من كتاب اللّـه ، وربَّـما ختم القرآن أكثر من مرة، أن يستمر على ذلك، وأن يجعل له كل يوم نصيبًا من تلاوة القرآن.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 رواه مسلم: 747.

مواد ذات صلة