الرئيسية/فتاوى/متى يكون الدّين مانعا من الحج؟
|categories

متى يكون الدّين مانعا من الحج؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

اليوم ما يكاد أحد يسلم من الدَّين، إما يكون دين أقساط، أو دين قرض حسن معجَّل أو مؤجَّل، المهم: تقريبًا كل إنسان في ذمته شيء من الدَّين في غالب الناس، ولا شك أن مسألة الدَّين لها ارتباط بفرض الحج، يعني: كون الحج يكون مفروضًا على المسلم.

فلو بينتم لنا يا شيخ ارتباط الدَّين بالحج، هل من كان عليه دَيْن يجب عليه أن يحج؟ وإذا كان هناك فرق بين الأقساط والحال؟

الجواب

الحمد للّـه رب العالمين، وصلى اللّـه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن اللّـه ​​​​​​​ فرض الحج على المستطيع، فقال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، ومن كان عليه ديون فإن كانت هذه الديون حالَّةً، فيجب عليه أن يسددها، ولا يجوز له أن يماطل وأن يؤخّر سدادها؛ لقول النبي : مطل الغني ظلم [1].

وإذا كان عاجزًا عن سداد هذه الديون، وتوفر لديه مبلغٌ مالي، ويريد أن يحج به، فإن الدين مقدمٌ على الحج؛ لأن الدين واجبٌ سداده، بينما الحج لا يجب إلا على المستطيع، فلو افترضنا أن رجلًا عنده خمسة آلاف ريال، يستطيع أن يحج بـها في حملةٍ من الحملات، لكن عليه دينٌ حَالْ بمبلغ خمسة آلاف ريال، فنقول: ليس لك أن تحج حتى تسدد هذا الدين، فإذا سددت هذا الدين إن تيسر لك أن تحج فالحمد للّـه، وإن لـم يتيسر فأنت غير مستطيع.

وكون الإنسان يحج وعليه دينٌ حال، معنى ذلك: أنه حج بـمال غيره؛ لأن هذا المال الذي حج به هو في حقيقة الأمر مستحقٌ للدائن؛ ولذلك إذا علم الدائن الذي يطالب فلانًا بالدين، ويعتذر بأنه ليس عنده شيء، إذا علم بأنه قد حج، يجد الدائن في نفسه، ويقول: كيف يقول: إنني عاجز عن سداد الدين، وها أنا أراه قد حج، والحج يتطلب مالًا ويتطلب نفقات؟!

إلا إذا استأذن هذا المدين من الدائن في الحج، بأن قال له مثلًا: يا فلان! أنا أريد أن أحج، فأريد منك أن تأذن لي في الحج، وسأسدد لك الدين بعد الحج إن شاء اللّـه تعالى، فإذا أذن له فلا بأس، أما إذا لـم يأذن له، فليس له أن يحج، وعليه ديونٌ حالَّةٌ لـم يسددها.

لكنه مع ذلك لو حج فحجه صحيح؛ لأنه حجٌ مكتمل الأركان والشروط والواجبات، لكنه يأثم بـمماطلة الدائن في سداد دينه.

إذًا: من كان عليه دينٌ حال، فالواجب عليه أن يقدم سداد الدين الحال على الحج، أو يستأذن من الدائن.

أما إذا كان الدين مؤجلًا أو مقسطًا، فإن هذا لا يـمنع من الحج؛ لأن هذا المدين لـم يجب عليه أن يسدد الدين في الحال، فبإمكانه أن يحج بـهذا المال الذي في يده، وإذا حلَّ موعد سداد الدين، ربَّـما أن اللّـه تعالى ييسر له رزقًا يسدد به هذا الدين، خاصةً في الديون المقسطة.

وكثيرٌ من الناس الآن لا تخلو أحوالهم من ديونٍ مقسطة، وربَّـما تستمر الديون سنين طويلة، أحيانًا تصل الأقساط إلى عشرين سنة، وربَّـما تصل إلى ثلاثين سنة، فهذه الأقساط لا تعيق الإنسان، ولا تؤثر عليه، ولا تـمنع من الحج، إنـما الكلام في الدَّين الحال، الدَّين الحال هو الذي يجب أن يسدده، وليس له أن يحج إلا بعد أن يستأذن من الدائن.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 2287، ومسلم: 1564.
مواد ذات صلة