الرئيسية/فتاوى/هل شدة البرد عذر لترك صلاة الجماعة؟
|categories

هل شدة البرد عذر لترك صلاة الجماعة؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

الترخيص في قضية شدة البرد يعني مثلًا يصلي الناس في بيوتهم، كما يقول المؤذن أحيانًا: صلوا في رحالكم، وغير ذلك، هل هذا من الأعذار التي تبيح مثلًا للإنسان أن يصلي في بيته إذا كان البرد شديدًا؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

فشدة البرد كانت موجودة على عهد النبي ، بل ربما كانت شدة البرد في عهد النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة أشد منها في وقتنا الحاضر، ومع ذلك لم ينقل عن النبي ولا عن أحد من أصحابه أنه جمع لأجل شدة البرد، أو قال: صلوا في بيوتكم لأجل شدة البرد، لم يرد هذا، فليس هذا عذرًا لا للجمع ولا للصلاة في البيوت، وشدة البرد يمكن التغلب عليها بلبس الملابس الثقيلة، وكذلك بالتدفئة تدفئة مثلًا المسجد، وكذلك أيضًا تدفئة حتى أيضًا الطريق إذا كان الإنسان ماشيًا تدفئة بالملابس الثقيلة، وإذا كان راكبًا بالسيارة، فيمكن التغلب على شدة البرد بهذه الأمور.

فليست عذرًا للجمع بين الصلاتين، وليست عذرًا أيضًا للصلاة في البيوت، الناس من قديم الزمان تأتيهم شدة برد، ومع ذلك لم ينقل هذا لا عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا عن أحد من الصحابة أو التابعين، ويلاحظ ان بعض الناس في وقتنا الحاضر توسعوا في قضية الجمع بين الصلاتين معتمدين على حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر [1]؛ وهذا الحديث أورد أهل العلم عليه إشكالات كثيرة، بل إن الترمذي رحمه الله: نقل الإجماع على ترك العمل به.

وقال بعضهم: إن هناك عذر خفي عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأنه كان صغيرًا، وقيل: ان الجمع كان لأجل مطر، كما روي ذلك عن مالك وأيوب، وقيل: إنه كان هناك وباء في المدينة، وقيل: إن الجمع كان صوريًّا أخذ الظهر الى آخر وقتها، وقدم العصر إلى أول وقتها، وأخر المغرب إلى آخر وقتها، وقدم العشاء إلى أول وقتها، وهذا قد جاء في إحدى الروايات، وقيل غير ذلك.

فيبقى هذا من الأحاديث المتشابهة، وترد إلى النصوص المحكمة، النصوص المحكمة تدل على وجوب أداء كل صلاة في وقتها: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]، وشرط الوقت هو آكد شروط الصلاة، قد تسقط كثير من الشروط والأركان والواجبات مراعاة لشرط الوقت، فلا نعدل عن هذا الأصل البين الواضح إلا بأمر واضح.

فشدة البرد إذًا ليست مبررًا للجمع بين الصلاتين، وليست مبررًا أيضًا للصلاة في البيوت، إلا لمن كان مريضًا، من كان مريضًا، ويشق عليه أن يصلي مع الجماعة في المسجد، فهنا لا بأس أن يصلي في بيته، يكون هذا عذرًا في ترك الجماعة، فمن كان يتضرر بشدة البرد لمرضه، أو لكبر سنه، ونحو ذلك، فهنا له أن يصلي في البيت، وتسقط عنه الجماعة بسبب ذلك.

أما من كان صحيحًا معافى، فشدة البرد ليست عائقًا، أن يُؤدي الصلاة مع الجماعة للمسجد.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 705.
مواد ذات صلة