إن من أهم ما يحتاج إليه الإنسان في حياته اليوميـة تبـادل المنافع مع غيره، وقد يترتب على هذا التبادل ترتب ديون في الذمة، وهذا واقع في حيـاة النـاس مـن قـديم الزمان، لكنـه في وقتنا الحاضر أصبح أكثر وقوعاً وبروزاً، فكثير من الناس اليـوم لا يخلو من أن يكون دائناً أو مديناً، بل وجـد في وقتنا الحاضـر مؤسسات قائمة أصلاً على التعامل بالديون، وكثير من البنوك والمؤسسات المالية والشركات لا يخلو كثير من تعاملاتهـا مـن ديون، وهذا التوسع في التعامل بالديون أفرز مسائل جديدة هي بحاجة إلى بيان وإيضاح للحكم الشرعي فيها من قبل فقهاء الشريعة.
ولذا فقـد كتب المؤلف في جانـب مـن الجوانب المتعلقة بالديون وهو: (الزمن في الديون وأحكامه الفقهية).
فتظهر أهمية الموضوع وارتباطه بواقع الناس المعاصر، خاصـة مع ما يرى من توسع في الاستدانة وما يترتب على ذلـك مـن أحكام، وقد يؤدي الإخلال بها إلى الوقوع في ربا الديون الذي كان شائعاً في الجاهلية، وعادت إليه كثير من البنوك والمؤسسات المالية بصور شتى وقوالب متنوعة.
ولأجل دقة مسائل هـذا الموضـوع؛ هـي تحتاج إلى فهـم عميـق لمقاصد الشريعة عموماً، ومقاصدها في مسائل الربا وأبوابه على وجه الخصوص، فأوضح المؤلف هذه المسائل الدقيقة، وبين الفروق بين المختلف منها، والممنوع والمباح منها.
وأيضا فإن ظهور مسائل جديدة مرتبطة بالزمن في الديون لم تكـن بارزة مـن قبـل، كمسألة التعويض عـن ضـرر المماطلة الـتي تمارسها بعض البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على نطاق واسع، وهي من المسائل الكبيرة التي اختلفت فيها أنظار العلماء المعاصرين بين التأييد والمنع.
وأيضا فإن اتجاه كثير من البنوك والشركات في الوقت الحاضـر إلى تزكية تعاملاتها بلزوم أحكام الشريعة، والبعـد عـن التعاملات المحرمة. وحيث إن كثيراً مـن تعاملات تلك البنوك والشركات مرتبط بالديون، فقد شمل هذا البحث جانباً مهماً من الديون وهو الزمن فيها، وما يرتبط به من مسائل وأحكام.
وانتهج المؤلف في هذا الكتاب منهجا يصور المسألة التي تحتاج إلى إيضاح تصويراً دقيقـًا قـبـل بیان حكمها؛ ليتضح المراد بها، كما یعرض الآراء في المسائل وينسب كل رأي إلى من قـال بـه مـن أصحاب المذاهب، ومـن الهيئات العلمية والمجامع الفقهية في الوقت الحاضر.
ويناقش الأدلة للقول المرجوح مع بيان سبب الترجيح، كما يذكر أرقام الآيات وأسماء السور الواردة فيها، ويخرج الأحاديث من مصادرها.
وقد اشتمل الكتاب على مقدمة وتمهيد وخمسة مباحث وخاتمة على النحو الآتي:
- تمهيد في تعريف الزمن والدَّين.
- المبحث الأول: الزيادة المرتبطة بالزمن في الدَّين.
- المبحث الثاني: التعويض عن ضرر المماطلة.
- المبحث الثالث: المصالحة عن الدَّين المؤجل ببعضه حالاً.
- المبحث الرابع: اشتراط حلول بقية الأقساط عند التأخر في أدائها.
- المبحث الخامس: أثر وفاة المدين على حلول الدَّين.
- خاتمة تتضمن أهم نتائج البحث.